علي الحسني
"الشعر يمنحني حرية أكبر للتعبير عن هواجسي.. ما بين شوق وحنين وآهات وجع وأنين" بكل عفوية تقول ثورية والشيخ، الشاعرة الشابة التي أفرزها المشهد الثقافي بالرشيدية وأبصرت طريق الإبداع وحرية التعبير باللغة الامازيغية.
ظهرت على الساحة الشعرية المحلية في الآونة الأخيرة، وهي تشق الآن طريقها بخطى ثابتة، أصدرت أضمومتها الشعرية الأولى بعنوان "بولعقل ادرن" وتعني "ذو العقل الحي"، التي تلامس فيها كما يؤكد الباحث الحاج العرج "مواضيع صاغتها بألفاظ انتقتها من اللغة الامازيغية الاصيلة ومزجتها بخيال تترجم من خلاله حسا فنيا رائعا يقودنا الى فضاء الابداع المتميز".
وتلمس أيضا هاجس الشاعرة الانساني، يضيف العرج في تقديمه لهذا الديوان، "فهي تسلط الضوء على بعض صور الواقع المر في الزمن الرديء بين الماضي والحاضر وتتأسف على فناء العفوية التي ابتلعها زمن العولمة".
شاعرة رقيقة تأتي كلماتها وكأنها صادرة عن آلة موسيقية، تتصف بالبساطة والتواضع والالتزام وسعة اطلاعها وعمق ثقافتها. الشاعرة ثورية والشيخ تصبو دوما إلى النجاح، شخصيتها طموحة لطلب المعرفة، مقاتلة في نهجها الشعري، كما تكشف في بوح لوكالة المغرب العربي للأنباء.
بداية التعاطي مع الشعر، كما تقول والشيخ، الحاصلة على شهادة البكالوريا في العلوم التجريبية ودبلوم في معلوميات التسيير، "كانت منذ أن كنت أدرس بالثانوي التأهيلي، كان الشعر بالنسبة لي مجرد هواية . أكتب للصديقات وأملأ الدفاتر والمذكرات، وكذا أوراق ونصف الأوراق، كانت كتاباتي منثورة في جميع الزوايا. الشعر بالنسبة لي هو تعبير عن الذات وعن تجارب أعيشها عبر محطات الزمن وأتقاسمها مع الآخرين".
كباقي بنات جيلها، تعيش الشاعرة والشيخ، التي لها أيضا اهتمامات بفن الطبخ والبحث في التراث، حياتها اليومية باستثمار وقتها في تنمية العلاقات الاجتماعية إلا أن الليل مخصص فقط للقراءة والكتابة والأحلام، ورغم أنها لم تكمل تعليمها لما بعد مستوى الباكالوريا، إلا أنها ركبت قطار الحلم لتحجز مكانا لها في مقاعد الشعر.
وترى والشيخ أن الشعر بحد ذاته يعد انعكاسا اجتماعيا، ولطالما كان على درجة من الأهمية في توعية الشباب.. فوراء كل قصيدة حالة وفكرة، الحالة يولدها وضع معين أو مشهد أو موقف محفز ثم تأتي بعد ذلك الفكرة، ثم أسلوب الشاعر، بعض القصائد تحفزها الذاكرة الشخصية والبيئة وبعض الأمور ربما لا تكون ضمن موضوع القصيدة الأصلي لكنها تجد طريقها للتسرب إليها، هذه الأشياء هي التي تصنع أسلوب الشاعر، وتثقيف الذات وبناء قناعات كثيرة تبدأ من الفكر وتنتهي بالمشاعر.
والأدب عامة والشعر بالخصوص، في منظورها، يدفع بالشباب والقارئ وعشاق المطالعة عموما، على الغوص في الأفكار والتحليل الأوسع الذي يمنح المجتمع عقولا واعية بالرقي والثقافة وتساعد على سلامته وتنميته وتطوره ونجاته، كما يساهم في تنمية سلوك الفرد.
وتقول الشاعرة "كلما عشت شيئا أو أحسست به تراني كآلة تتحكم بها الأفكار والكلمات وتسوقني الى حمل القلم وترك فرصة له في نزف مداده على مذكراتي ليخط الأحاسيس على شكل أشعار بالأسلوب الذي أحس أنه سواء كان بالعربية أو الدارجة المغربية أو حتى بالأمازيغية".
وتضيف "حريصة على تثقيف نفسي التي يشكل الشعر بالنسبة لها سهما مشحونا بكلام توعية وبأفكار هادفة ترصد مكامن الخلل في العلاقات الانسانية والاجتماعية وتحاول قدر الامكان معالجته"، "أطلع على الدواوين الشعرية و أترقب الجديد، أدمن قراءة الشعر كما أعشق كتابته، فتجدني بين الدواوين أتذوق الكلام و في صفحات الأنترنيت أتصفح الأشعار وكتب اللغة العربية أبحث في طيات صفحاتها على القصائد لأقرأها وأستمتع باستيعاب معانيها".
وكانت "تامدزيازت" اللبنة الأولى لهذا الديوان أو الحجر الأساس والذي تطرقت فيه للقضايا والانشغالات والآفات والسلوكات التي تؤرق المجتمع، واستقتها من الواقع المعيش المسكوت عنه، إلى جانب بعض الخواطر عن حب الخالق جل وعلا، وحب الأم والأب والأخ، والاحتفاء بالحياة. ويتضمن هذا الديوان ما يسمى بالأمازيغية "ازلان اتوختارن" وهي كلمات وعبارات ومعاني قديمة مختارة نظمها "إنشادن" ويتغنى بها الناس في الأعراس والمناسبات.
وبخصوص اختيارها للغة الكتابة الشعرية أشارت والشيخ إلى أن "ما يهم هو اختيار اللغة التي تمكن من وصف أفضل للمشاعر والعواطف التي تجتاحنا". وبالفعل تؤدي اللغة الأمازيغية، بالنسبة لها هذه الوظيفة بشكل كبير وتمكنها من معجم متنوع وغني تصعب ترجمته إلى لغات أخرى.
وأعربت عن اعتقادها بأن "الإبداع النسوي بالمنطقة ضئيل جدا مقارنة بالإبداع الذكوري بالرغم من أنه يوجد لدى المرأة من المؤهلات والقدرات ما يجعلها أكثر عطاء ..لكن الخطوة الأولى تكون دائما صعبة".
وتختتم الشاعرة ثورية والشيخ، التي تستعد لإصدار مجموعة شعرية جديدة، أنها "إنسانة خجولة وطموحة، ووحده حماس متلقين آمنوا بالذي تصفحوه في قصائد هذا الديوان، وتشجيعهم لي بأن أقوم بخطوة أخرى الى الأمام، كان الحافز على المشاركة في بعض التظاهرات الثقافية"، كان آخرها (ملتقى بوذنيب الثالث للإبداع) والتي أعتبرها "خطوة وتجربة جميلة ستتلوها خطوات أخرى بإذنه تعالى".
في الصورة الشاعرة ثورية والشيخ اثناء تسلمها لشهادة تقديرية بملتقى بوذنيب الثالث للإبداع .

