جديد انفو - كولميمة / متابعة
توصلت جديد انفو ببيان من جمعية أفريكا للتنمية وحقوق الإنسان بكولميما تحت عنوان " بيان أسامر - كولميما " هذا نصه :
في سياق مواصلة نضال جمعية أفريكا حقوقياً وتفاعلاً مع المبادرة الوطنية لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، واستحضاراً لأهمية الحقوق اللغوية والثقافية ضمن منظومة حقوق الإنسان الشاملة. تنخرط جمعية أفريكا بكولميما في المبادرة الوطنية التي سجلت انطلاقتها بمدينة كولميما في إطار ما نسميه بأطروحة أسامر / كولميما. أي بناء تصور واضح للقضية الأمازيغية ضمن مجموعة مستويات النضال الديمقراطي / المؤسساتي. ومن أجل المساهمة في إبداء الرأي والمشاركة في النقاش العمومي حول مختلف القضايا ذات وثيق الصلة بالحياة العامة للمواطنين، واستحضاراً منا لأهمية الوعي الحقوقي في المرافعة المتينة على الحقوق في شموليتها غير القابلة للتجزيء وبناء على الخلفية الفكرية والقاعدة المرجعية المؤطرة لآليات اشتغال جمعية أفريكا في مضمار تمثين الحقوق وحماية الحريات عبر آليات اشتغال واضحة ومنهجية مرافعة سليمة تنهل من الشرعة الدولية من خلال الصكوك والعهود الدولية ومعاهدات واتفاقيات حقوق الإنسان والبرتوكولات الملحقة ودون القفز، في الوقت عينه، على أهمية ما ورد في الوثيقة الدستورية في باب الانفتاح التشريعي على المعاهدات الدولية التي صادق عليها المغرب استجابة، من الوثيقة الدستورية، لنداءات القوى الديمقراطية الحية في شتى ربوع المغرب العزيز. يبدو أن الاعتماد عل المرجعية الكونية لتقعيد الفعل الحقوقي والمتن القانوني / الدستوري لتأصيل الممارسة الديمقراطية بمنطق احترافي يستحضر الانتصار للحقوق بدل هيمنة النقاش السياسي والإيديولوجي المغلوط. إن معانقة هموم الإنسان، بصرف النظر عن أية انتماءات تقليدانية، من شروط النضال الديمقراطي الحقوقي. فأن تكون حقوقياً، في نظرنا، يعني أن تضع انتسابك إلى الإنسانية فوق كل اعتبار. إن احترام أدمية الإنسان تشكل الهدف الأسمى لكل فعل حقوقي جاد ومسؤول.
إن جمعية أفريكا للتنمية وحقوق الإنسان تسعى إلى التعريف بثقافة حقوق الإنسان وإشاعتها وتكريس السلوك المدني في شموليته دون التركيز على بعد دون أبعاد أخرى. وحسبنا أن النضال الحقوقي / الديمقراطي يجب أن ينشد دولة المواطنة المبنية على نبذ أي تمييز بين المواطنين على أساس ديني أو عرقي أو جنسي أو مجالي أو لغوي... وبناء عليه فتصورنا الحقوقي ينطلق من اعتماد جميع أبعاد المنظومة الحقوقية دون تمييز ودون إقصاء ودون تفاضل بالأحرى يجب إحقاق جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية واللغوية والبيئية والتنموية.
- في باب الحقوق اللغوية :
نعتبر من داخل جمعية أفريكا نضالات الحركة الأمازيغية من أجل الحقوق اللغوية والثقافية نضالاً يُشكل قيمة مضافة ونضالاً يندرج ضمن النضال الديمقراطي / المدني .ونعتقد أن الاعتراف بالأمازيغية لغة رسمية للدولة إلى جانب اللغة العربية مكسب ديمقراطي لا يمكن إلا أن يعود بالنفع على الوطن والمواطنين شريطة عدم النظر إلى الأمازيغية نظرة اختزالية، أي فقط كلغة جوفاء بمعزل عن الحمولات الثقافية والحضارية التي تحملها، كحمولات العقل والعقلانية والحوار والتداول وقبول التعدد والاختلاف ونبذ التطرف والغلو والانتصار للأرض والتاريخ. إن الأمازيغية الأداة الناجعة للمصالحة مع التاريخ، وإذا كنا نثمن عالياً حلقة الإنصاف والمصالحة كحلقة أساس في مسلسل بناء الديمقراطية الوطنية، فإننا في الوقت عينه نؤكد أن الاعتراف بالطابع الرسمي للأمازيغية يجب أن يفضي إلى مصالحة حقيقية مع الجغرافيا والتاريخ ومع الطوبونيميا والإنسان وبالتالي مع الأرض والوجود. إن الاعتراف برسمية هذه اللغة الأم للمغاربة يقتضي الانتصار لقضايا العقل والعقلانية ومقاربة النوع الاجتماعي التي تحملها الأمازيغية لا كلغة فحسب بل كنظرة إلى الوجود. إن اللغة وعاء الفكر وفلسفة الحياة وشكل الوجود، وعليه فأن أية نظرة إلى الأمازيغية بتصور اختزالي تبسيطي يروم، بشكل من الأشكال، تدبير "الصراع" السياسي أو الاجتماعي أو الرمزي بمنطق اللغة أمر لا نستسيغه على اعتبار أن الأمازيغية، بالنسبة لنا، تندرج ضمن النضال الديمقراطي من أجل تكريس المواطنة كأفق ينتصر إلى الإنسان المغربي بمنطق أصيل. إن الأمازيغية إذن، بهكذا فهم، هي الرافعة الحقيقية لإعادة الاعتبار للإنسان المغربي بعيداً عن جميع أنواع الاستلاب الهوياتي.
- في باب الأمازيغية والتعليم :
نسجل التراجع الكبير على مستوى إدماج الأمازيغية في منظومة التربية والتعليم إذ يتطلب الأمر المساواة في الفرص المتاحة أمام اللغتين الرسميتين. ونؤكد أن عدم فرض إلزامية تعليم الأمازيغية يُصغر من قدر هذه اللغة الوطنية والرسمية، فتدبير التعدد يتطلب، بالضرورة، إدماج الأمازيغية دون تردد أو وجل لأن الوحدة في التنوع ولأن الانتصار للغتين الرسميتين انتصار لجميع المغاربة دون إقصاء أو تمييز أو تفاضل. ونجدد مطلبنا بخصوص ضرورة فرض، بالقانون، إلزامية تدريس الأمازيغية. ونميز هنا منهجياً بين تدريس الأمازيغية والتدريس بالأمازيغية بحيث يقتضي الحال تدريس علوم الإنسان والمجتمع والفلسفات والعلوم الحقة باللغة الأمازيغية بدل الاكتفاء بتدريس الأمازيغية بخواء فكري ودون مضمون علمي – فلسفي. وبالتالي مطلوب قانونياً حماية اللغتين الرسميتين وضمان حقهما في التطور والاندماج مع ضرورة الانفتاح على اللغات الدولية من أجل هوية لغوية أصيلة وغير منطوية.
- في باب الإعلام :
إن الدفاع عن حق الأمازيغية في المشهد الإعلامي من حقوق الإنسان. ويبدو أن نضال الحركة الأمازيغية من أجل حق هذه اللغة في الإعلام تصور مشروع، وعليه فإن إعلان تأسيس ما يسمى بقناة تمازيغت يُشكل مبدئياً مكسباً ديمقراطياً وهو أمر لا يمكن إلا أن نثمنه أخلاقياً ومبدئياً. أما على مستوى السياسة الإعلامية فإننا نشجب الطابع الارتجالي للقناة بخط تحريري أقرب إلى الفلكلور واستنساخ نمط معين من الخطاب الإعلامي المنمط بفكر مُزيَّف بعيد عن قيم الأمازيغية في تصورها للمرأة والطفل والإنسان وللأرض والمجال وللحضارة والوجود. إن إعلامية الأمازيغية لم يكن يوماً، في نظرنا، مجرد السماح بشذرات تبسيطية مقرفة تنمط الصورة السلبية عن الأمازيغية حيناً وأحياناً أخرى تُعمق التوظيف التجاري لها بشكل رديئ. وعليه نؤكد مواصلة مطالبنا بضرورة إصلاح المشهد الإعلامي عموماً، لتجاوز الرداءة وتسطيح الوعي واستبلاذ المتلقي واستيراد أطروحات "فكرية" مبتذلة تتماهى مع السوق الثقافية الهشة، فالسلطة الرابعة هي مرآة الشعوب. وضمن هذا المشهد الإعلامي الوطني نؤكد ضرورة دمقرطة الإعلام عموماً وإعادة النظر في الحيز الزمني المتاح أمام قناة تمازيغت وفي الاعتمادات المالية المخصصة لها دون القفز، عن قصد أو من دونه، عن الخط التحريري. إن الأمازيغية قيم مروءة وخصال صدق. وكل ذلك من أجل الانتصار لقيم الأمازيغية كوجود لا الانتصار للاستلاب الهوياتي عبر ترجمة أو دبلجة شعبوية لتكون بذلك الأمازيغية ضحية لفكر مزيف. إن تصورنا للأمازيغية يندرج ضمن سعينا الحثيث إلى المساهمة في دمقرطة المؤسسات من أجل دمقرطة المجتمع. إن بناء دولة المواطنة المبنية على إحقاق الحقوق وضمان الحريات والتوزيع العادل للخيرات المادة والرمزية والمصالحة مع التاريخ والتصالح مع الأرض وحدها آليات كفيلة بجعلنا جميعاً ننجح في إٍرساء لبنات دولة المؤسسات من أجل مجتمع راقي وإيجابي.
إن بناء دولة الحقوق والحريات يقتضي الإيمان بجدوى النضال الديمقراطي المؤسساتي واعتبار الديمقراطية منظومة غير قابلة للتجزيء. إن الحقوق في كل أبعادها ومستوياتها تشكل حجر الزاوية في دمقرطة الدولة ودمقرطة المجتمع وذلك بُغية الوصول إلى بناء دولة تخدم المصالح الفضلى للمواطنين حتى يتسنى لهؤلاء الانتصار للدولة كأداة ضامنة وكنسق مؤسساتي كفيل بحماية الحقوق الفردية والجماعية من أجل وطن ينتصر للجميع. وعليه نؤكد من داخل الجمعية أن الإيمان بأهمية الحقوق اللغوية والثقافية كتجلي صريح ومباشر لإنسية المواطن، لا يقل من أهمية الحقوق السياسية والمدنية كرافعة تضمن حق المواطن في التعبير عن أرائه ومواقفه بشكل راقٍ ومتحضر وكذا المساهمة في بناء المؤسسات الضامنة لحق المواطن في المشاركة الفعلية، لا الشكلية، والأمر هنا كذلك يقتضي استحضار أهمية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وحسبنا، أن دمقرطة تقسيم الثروة المادية والخيرات الرمزية ومحاربة الفقر والعوز والتهميش والهشاشة وضمان فرص النماء نفسها للمدينة والقرية على قدم المساواة، كلها ميكانيزمات قمينة بــ"تقديس" أدمية الإنسان. كما أن الحقوق البيئية تحضى ببعد استراتيجي في آليات اشتغال النضال الحقوقي / الديمقراطي. إنها لبنة أساس لاحترام المجال وضمان توازن الكون وسلامة المحيط الإيكولوجي. كما أن الجيل الرابع من حقوق الإنسان، الحق في التنمية لا يقل جودة وأهمية عن باقي الحقوق. إن التنمية من شروط المواطنة العادلة والمنصفة والمبنية على الإنصاف الاجتماعي والمجالي بدل استصغار كرامة الأفراد وخدش الاحترام الواجب والوقار المطلوب حيالهم عبر مقاربات أخلاقاوية تُعمق مأسسة التسول بما يسيء للوطن وللمواطنين. إن تحقيق التنمية يقتضي، بالضرورة، إنجاح مسلسل الدمقرطة في كل أبعادها وتجلياتها غير القابلة للتجزيء.
إن الحقوق، بالنسبة لنا، منظومة شاملة غير قابلة للتجزيء ولا للاختزال. ونثمن عالياً التحولات الحقوقية الحاصلة مغربيا منذ التعبير عن رغبة الدولة في طي صفحة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في السياق المتعارف عليه في الأدبيات الحقوقية بزمن الجمر والرصاص. إن ميلاد هيئة الإنصاف والمصالحة لحظة محورية ومفصلية في مضمار المصالحة مع الماضي السياسي وندعو إلى مزيد من أجرأة وتفعيل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة ودعم الفعل الحقوقي من أجل ضمان التميز المغربي، وفي الوقت نفسه ندعو إلى تمتين المكتسبات وتجاوز الخروقات والمضي قُدماً في درب الحكامة المؤسساتية وتفعيل المؤسسات الدستورية وحماية المال العام والتعجيل بإخراج القوانين التنظيمية، الواردة في الوثيقة الدستورية لاستكمال بناء الصرح الدستوري وتفعيل الديمقراطية الشاملة. وبهكذا سياسات عمومية واستراتيجيات مؤسساتية يُمكن أن ننجح في الانتصار للوطن من أجل ترسيخ الديمقراطية وتجويد الخدمات. كما نثمن نضالات جميع القوى الديمقراطية الحية في شتى ربوع هذا الوطن العزيز علينا وتحية حقوقية خالصة روحها الاحترام والتقدير وعنوانها التواضع لخدمة وطنٍ واقفٍ شامخٍ يَسَعُ للجميعِ.
حررت بكلميمة يوم السبت 16 ماي 2015/2965
أعضاء لجنة تحرير البيان :
- محمد خوي.
- سعيد العنزي.
- حطربوش موحا.
- مروا لحسن.
- عيسى مادوش.


