فوزية ايت حساين- سلا/ جديد انفو
الأسر المغربية مبنية على علاقات اجتماعية وأخلاقية مستمدة من أصول العائلة الممتدة التي يتعاون فيها الكبير والصغير والرجال والنساء من أجل بناء مجتمع يسوده الود وتحكمه القيم الدينية العالية.
وحين تشب الفتاة وتكبر وتصل فترة القران، فإنها تنتظر بأمل كبير ذلك اليوم الذي تصبح فيه عروسا لتستقل عن بيت الأهل، لبناء حياة زوجية قوامها الصراحة والطيبوبة والدفء بين أحضان العائلة الجديدة ، ولا تفكر أي امرأة إلا في الاستقرار في حياتها الزوجية، بل لا تفكر في الطلاق بالقطع، وهي في بداية الزواج . لكن بمجرد دخول الزوجة للبيت الذي تحكمه علاقات خاصة وتسوده معاملات من نوع خاص، يحصل التصادم بين أم الزوج و العروسة حول من سيمتلك الزوج ،ومن ستكون له القوة على تطويعه من أجل أن يكون لها خالصا بالسمع والطاعة ،فتنشب المعارك الظاهرة والخفية، وكل واحدة بحبالها تجر،ولا تتنازل إحداهما عن حقها في الامتلاك ، وقد تتنازل الزوجة كثيرا عن حقها في زوجها وتركع مؤقتا إرضاء له ولأمه قبل أن تنجب ذرية ،فتخفي الألم والانكسار وتخبئ غصتها لليوم الذي تكون فيه شوكتها قوية بأبنائها للوي عنق الآم والابن معا، ويبقى الزوج بين مطرقتين قويتين: أيكون لزوجته خالصا بالنصر و التأييد وهجر الأم رغم كبرها ،أم يكون ابن أمه مهما كلفه ذلك من ثمن، فيضحي بالزوجة وأبنائها جورا حتى لا تنكسر كلمة أمه، وأحيانا تستمر هذه العلاقة المتوترة ولا يرغب أحد في التنازل لا الزوج ولا الزوجة ولا الأم، ويعيش الجميع في نكد أبدي ،أما إذا انضافت أخوات الزوج للصراع واللواتي تنتصرن للأم فالزوجة تنهزم وتستسلم وتتمنى الموت للجميع ،وتصبر من أجل الأبناء إذا كثر عددهم أما إذا كان قليلا، فغالبا ما تنجو بجلدها وتعود من حيث أتت وتفضل العيش على فتات طاولة أسرتها عوض المشاكل اليومية التي قد تفضي بها إلى أمراض نفسية خطيرة.
علاقتي مع عكوزتي في رمضان تزداد تعقيدا فيجب أن لا تنام زوجة ابنها وعليها أن تستيقظ مبكرا وهي لم تنم أصلا، والبداية بتنظيف البيت" التجفاف" و"التخمال" يوميا بعد العاشرة صباح بقليل لتعاود ذلك في المساء، وعليها أن تذهب للسويقة واختيار الخضر الطري دون الإنفاق الكبير، لأن المصروف من جيب ابنها ،ويجب أن تقدم الحساب لها ،وترجع ما تبقى بالتمام والكمال ،ثم تدخل للمطبخ وتبدأ التحضير للفطور ثم العشاء والسحور وتبقى "لعكوزة" ممدة او تشاهد حلقات المسلسلات التركية المدبلجة بالقهقهة أو الصمت حين ترى لقطات غرامية حميمة لا تليق بالمشاهدة وتقول " الله امسخكم " فتتحسر على زمانها الذي ضاع في أمور حياتية اخرى.
والغريب أن عكوزتي لا تكف عن الطلب واللغط ،وكأنها لم تكن زوجة ذات يوم " من هادي لْ هادي" ولا أستريح حقيقة إلا حين تغيب عن بصري، فأتخيل نفسي وحيدة مع زوجي وأبنائي بالبيت، لكن تفكيري مجرد حلم لفترة وجيزة فتقطعه خشخشة المفاتيح على الباب إنها هي ،" رجعت بنت لحرام بكري" خوفا من أنام أو أستريح اويأتي ابنها وأنفرد به .
عكوزتي "عاصرَني" أو "عاصرة عليا مزيان" لكنني أتجاوز وأتسامح وأضعها في مرتبة أمي رغم أن ذلك غير ممكن ،لأكبر في عين زوجي وأربي أبنائي تحت جناح أبيهم وجدتهم ،ولأنال الأجر الكبير من الله ورضا والدتي التي أوصتني بها خيرا.لكن الكثيرات من النساء تعشن نفس المشكل وأقوى من ذلك فتفضلن هجر البيت وتطلبن أبغض الحلال إلى الله .
في البوادي والقرى فالعيب كله إذا استقلت الزوجة والزوج عن "لعكوزة "وشيخها ويشيع الخبر في القرية فينعتونهم ب " لمسَاخط" لكن في المدينة ومع الجيل الجديد يكون الشرط من البداية قبل الزواج بالقول " داري بوحدي لا أمك ولا اختك ولا خوك " ورحم الله منهم من زار وخفف.... وتتعقد المشكلة أكثر في بيت الزوجة الموظفة التي تساهم بنصف مصروف البيت وكم سمعنا عبارة " هز علي أمك" و"أنا مالي راني بفلوسي غير الله إعونك لا أنت لا هي" وتبقى العلاقة بين الزوجة "ولعكوزة" معقدة ،فتلجأن للشعوذة في كثير من الأحيان إلا من رحم ربك،وهناك صنف من لعكوزات اللواتي تحاولن أن يعيش الجميع بسلام وفي راحة وتجعل الزوجة كابنتها وتساعدها في كل شيء بالبيت وفي التربية لكن هذا الصنف الذهبي نادر جدا والحل في كل الأحوال هو الصبر والابتسامة والتشبع بقيم وأخلاق ديننا الحنيف لتستمر الحياة.