زايد جرو - الراشيدية/ جديد انفو
الأعياد بالجنوب الشرقي لها طابعها المميز، يحل معها الفرح و الفرج، وكل المهاجرين يستعدون للهجرة ليعودوا القهقرى نحو العش ونحو الدفء والرقة، وليهربوا من عذاب الصمت والأنين لتحقيق سكينة النفس ولو لحين بالعودة لكل الأشياء الجميلة في بنايات طينية عتيقة أصيلة ظلت شامخة رغم مرور الأحقاب، ولم تستطع الحداثة أن تمحوها، أو تمحو وقعها، لأنها حفرت أخدودا في المخيلة الجماعية، حيث خرجت من الإطار الجغرافي الفيزيقي المعهود إلى الإطار المخيلي الذي لا يستطيع أحد أن يتدخل فيه لمسحه أو مسخه.
مدينة الراشيدية أرفود والريصاني وألنيف وتنغير وزاكورة وقلعة مكونة وبومالن دادس وكولمية وتنجداد ... أمكنة عرفت هجرات موسعة داخل الوطن و خارجه منذ الأزمان نحو الشمال لاكتساب معيشة أنقى، في ظل توالي التهميش وتوالي شح الأمطار، وتتابع السنوات العجاف وغياب مشاريع تنموية، حيث لا خيار للساكنة في مواجهة الوضع الاقتصادي الهش غير الاغتراب، رغم معاناتهم في فوارات القيظ التي لا يغسلها لا النسيم ولا البرد ولا الرياح ولا ترطبها أفياء الشجر في مدن تقتل الناس فيها الرتابة تحت الضجيج والخوف والتي يموت فيها المرء ولا يعرفه أحد ولا يبكي عليه أحد.
فالهجرة نحو عيد الجنوب بشكل جماعي ملفت ومثير في هذه الأيام الأخيرة من شهر رمضان المعظم تحدوها رغبة نفسية متأصلة لإحياء الرحم وصلته وللناس الأجر الكبير في الفعل حيث لا تزال تعيش نشوة العيد، وهي تصافح الوجوه التي حجت إلى المصلى صباحا، ليجتمع القادمون والرابضون جميعهم حول موائد الفطور بالفرحة صباحا وحول حكايات تتخذ عادة ساحة باب "إغرم "أو داخل السقيفة فضاء مكانيا لها، فيشْعر المغتربون بهزات عنيفة ترعبهم وتخيفهم لأنه هجروا مكانهم وعوضوه بآخر، واستمرت إشكالاتهم في لغة جديدة متنوعة.
فالهجرة نحو المغرب العميق في العيد هي عودة للأصل والشرف والعز، وعودة لأجل الهوية ولأب لوى الزمان يده على العصا أو لأم عجوز اختار المرض جسدها مقاما وأذبل البكاء جفونها انتظارا وترقبا،أو لأجل عائلات ممتدة تنتظر اللمة التي لا تحدث بشكل جماعي إلا في الأعياد... وعيد مبروك وكل سنة وأنتم طيبون