فوزية ايت حساين/ تارودانت
المرأة القروية بتارودانت وكل المناطق الجبلية كانت معينة للرجل في الأتعاب منذ القديم ، العمل في الحقول التي تحاصرها الجبال والنبش في الأرض بالمعول إجهادا للنفس لتساهم ولو بالقليل في دخل الأسرة، بالنهار تجلب العشب للأغنام والحطب، وتكنس البيت وتستقبل الضيوف ،وبالليل لن يهدأ لها بال حتى ينام الجميع لتستيقظ في الصباح الباكر كعادتها وهكذا طول العمر.
حين يأتيها المخاض تتلوى بين الجدران دون إسعافات، باستثناء غير القابلة التي تؤذيها أكثر مما تعالجها في بعض الأحيان، وهن كثيرات الإنجاب رغم الأمراض، قاسين لسنوات وما زال الكثير منهن على نفس الحالة رغم نداءات الجمعيات الحقوقية الوطنية والدولية لتحسين وضعهن .
وفي زيارتي لدوار أولاد احيا بنواحي تارودانت تفاجأت حقيقة بتغير فكر النساء اللواتي انخرطن في تعاونيات وجمعيات ،واستفدن من التجارب الكثيرة في تربية الأبقار، فتغيرت الرؤيا للحياة بمدخول يومي بسيط من عائدات بيع الحليب والجبن وتربية الدجاج وزيت الأركان عند بعضهن ، هناك حقيقة تعب وبالمقابل هناك صبر وفرح ،ومقارنة بسيطة بين المرأة المدنية والبدوية فالأعمال التي تقوم به المرأة المدنية، قد تبدو نزهة للقروية ولا تساوي أي شيء ، لكن حركة النساء القرويات خففت عنهن المرض فقوت أجسادهن ومناعتهن .
المرأة القروية بدوار اولاد احيا تساهم الآن بدخل لا بأس به، وتساعد الرجل في الأتعاب ولا تطلب من الحياة غير رضاه فلم تفكر ذات يوما أن تكون منافسة له أو التساوي معه ،بل تعتبره رجلا بحق ، الكلمة و الحسم له ،وهو عماد البيت ،وهو كل شيء ،وهي معجبة ومقتنعة بهذا الدور وهذه المسؤولية، ومن العيب المعيب أن يعلو صوتها عليه ،أو أن تجادله أو تسأله عن ما يحتويه جيبه، فلهن كل الاحترام والتقدير لرؤيتهن للحياة ،ولتعبهن المستمر في صمت.