عبد اللطيف قسطاني - جديد انفو
قبل ما يناهز الأسبوعين قرر رئيس مجلس جماعة صفرو تجميد أجور أربعة من الموظفين الأشباح الذين ظلوا يتقاضون أجورهم بانتظام منذ سنة 1988 دون القيام بأية مهمة تخول لهم ذلك، بل وحتى دون الحضور إلى مقر الجماعة. كما كادت نفس المشكلة أن تعصف باجتماع المجلس الإقليمي لزاكورة حين أثار أحد المستشارين بالمجلس إشكالية تواجد 41 موظفا شبحا من أصل 123 بعمالة الإقليم يتقاضون أجورهم لأزيد من 27 سنة دون أن تطأ أقدامهم مقر العمالة منذ يوم تعيينهم.
الأمر يتعلق بقصة ما عرف آنذاك ب”أشبال الحسن” التي عاشتها جل جماعات المملكة إن لم أقل كلها، مع موظفين ينحدرون من المناطق الجنوبية للمملكة تم توظيفهم في سلك الوظيفة العمومية سنة 1988 في حملة ضخمة حاول من خلالها الملك الراحل الحسن الثاني إدماج أبناء الصحراء المغربية في النسيج الاجتماعي لوطنهم الأم لمحاربة البطالة من جهةولتجديد روابط الدم والأخوة التي تربط أبناء الوطن الواحد من جهة أخرى.
إلى هنا والقصة عادية لا تثير أي فضول، غير أن انقطاع هؤلاء وبشكل جماعي عن أداء مهامهم المنوطة بهم في الوظائف التي ألحقوا بها، والتحاقهم بمقار سكناهم بمدنهم الأصلية مع استمرار توصلهم برواتبهم بانتظام دون أن يجرأ أحد على فتح الموضوع، اللهم بعض المشاغبات الصحفية التي لا تخرج في اعتقادي آنذاك عن منطق الاستفزاز دون امتلاك الجرأة الكاملة للتصدي للموضوع بما يليق به من مكاشفة ووضوح خصوصا أمام تناسل أسئلة ظل المغاربة يتهامسون بها لثلاثة عقود دون أن يجد المشكل طريقه للحل.
بلدية كلميمة لم تسلم من المشكلة، وعرفت بدورها تعيين 11 موظفا لا زالوا يتلقون رواتبهم إلى يومنا هذا، والأدهى والأمر أنهم ظلوا طيلة هذه المدة يتسلقون سلالم الترقية، مع ما يرافق ذلك من تضخم في المرتبات ظل يثقل كاهل ميزانية الجماعة المثقل أصلا مع قلة المداخيل وكثرة المصاريف، حتى صار موظفونا الأشباح بجماعة كلميمة ينعمون، حسب آخر الأخبار التي توصل بها موقعنا من مصدر موثوق، بامتيازات السلم 11 دون أن يقدموا للجماعة وللوطن ما يشفع لهم ويجعلهم جديرين بذلك.
لا شك أننا اليوم أمام واقع جديد، لا يحتمل المزيد من الصمت والتواطؤ مع واقع مرفوض جملة وتفصيلا، فهل سيملك رئيس مجلس جماعة كلميمة الشجاعة الكافية لتطبيق القانون؟
وحين أتحدث هنا عن تطبيق القانون فأنا لا أقصد مطالبتهم بالالتحاق أو تجميد الأجور، لأن هذا هروب إلى الأمام ولا حل يرتجى منه، لأن تطبيق القانون يمر من أمرين لا ثالث لهما: الأول هو التجميد الفوري لهاته الأجور وصرفها إما في توظيفات جديدة تضخ دماء جديدة في عروق البلدية أو في مشاريع مدرة للدخل تساهم ولو جزئيا في امتصاص مشكلة البطالة التي تقتل شباب المدينة في صمت.
والثاني هو مطالبة موظفينا الأشباح بإرجاع المبالغ التي توصلوا بها منذ انقطاعهم عن العمل إلى يومنا هذا، لأن تجميد أجورهم دون مطالبتهم بإرجاعها فيه ضرب صارخ للقوانين الجاري بها العمل فضلا عن أنه تكريس للتمييز بين مكونات الشعب الواحد الذي طالما عانى منه المغاربة ويطالبون اليوم وبإلحاح إيقافه، لأننا في زمن لا تمييز فيه إلا بين المغاربة الوطنيين والمغاربة الخونة ولا مجال للقبول بمنطق المنزلة بين المنزلتين.
فهل سيكون رئيس المجلس الجماعي لكلميمة على قدر المسؤولية للتصدي لهذه المشكلة التي عمرت ربما أطول من عمر بعض أعضاء مجلسه الشباب؟ خصوصا أن من بين مستشاريه من كان يطالب بهذا في المجلس السابق، أم أن الجبن السياسي سيجعله يلتف على الموضوع حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا؟؟ من يدري..