جديد انفو - متابعة

كانت ريشة المناضل والفنان محند امزيان السعيدي، الريشة الامازيغية التي بعثت النفس الطويل في القضية الامازيغية، بل كانت مسايرة لكل فعل، لكل موقف، لكل حدث، فبات حظوره القوي براديكاليته المتواضعة، مبدأ وموقفا لنشر الوعي بمشروعية القضية عبر محطات نضالية بارزة، تركت نعومة ريشته، لوحات معبرة عن روح ومكانة الامازيغية، كان موضوع تناول القضية، مواكب لمستجداتها تنظيما وحضورا متكاملا، تعبيرا عن كل جوانبها…

كانت قيمه الامازيغية المنبعثة من روح تيموزغا لتمازغا، تكريسها وتطبيقها على أرض الواقع بكل حدافرها، وسطا لاعتناء الراح بقيمه النبيلة بالايتام والاطفال، كان جمعاويا متواضعا، أبرز عمله الفني وحسه النضالي الراقي خدمة للانسان والقضية الامازيغية، ترك بصمته في تاريخ النضال الامازيغي، وكانت مجهوداته دائما تصب نحو هذا المجال، فراسل وبعث بضرورة دعم المحتاجين، حيث ساهم في تكوين وتأطير العديد من الاطفال بتنظيم اوراش هادفة، كانت لها ترجمة فنية وإنسانية، معنويا وماديا لبعث الامل والروح في نفوسهم وفي نفوس كل المحيطين به، كان الفقيد رمزا نضاليا لم يترك مجالا للصمت حتى وفته المنية في مساء يوم 21 دجنبر 2013.

كان إبن ميدلت المناضل، المزداد بتاريخ 28 أبريل سنة 1964، عمودا من أعمدة النضال الامازيغي، كان تناوله لرمز القضية الامازيغية، حرف الزاي، بريشته الذهبية، تعبير روحي إنساني لما يحمله من هم نضالي مستغلا جانب أخر وعالم أخر من الابداع الفني الملتزم، وهو أمتزاج بين روح المقاومة من أجل التحرر، تحرر الشعب الامازيغي من ترسانة القوى الاستعمارية الجديد والقديم، وتحرير من القبضة الحديدية الدموية لنظام مازال يتعنث للهوية الحقيقة لهذه الارض، كانت ريشته تكسر كل رشاش وتهدم كل صنم، وتبني في الافق عمق الحداثة والنضال والمسؤولية التاريخية إتجاه هوية شعب، وثقافة ولغة، كانت كلمته الاخيرة أن يغطى بالالوان الامازيغية جسده، وكان العلم الامازيغي قد رفق جسده الى قبره تحقيقا لأمنيته.

الريشة الامازيغية التي نقشت في قلب القضية الامازيغية رموز الحياة، هوية شعب ولغة وحضارة وثقافة… الفنان الذي ابدع من عمقه لوحات تجسد مدى تعلق الإنسان الامازيغي بالارض، لوحات تتكلم وستتكلم إلى الازل، أبدع في عدة مجالات فنية كـ الكاريكاتير، الموسيقى، النحت، والتشكيل…

لم يستسلم أبدا للاستفزازات والمضايقات التي نالته من طرف المخابرات المغربية وأعداء التحرر، بحيث مارسوا عليه ضغط ليرسم لوحة الحسن الثاني، كان جوابه :” ريشتي لا يمكن أن يوظف ريشته في رسم ما يشاء، بل الريشة من يوظف نفسها…” له مواقف عدة قاطع من خلالها مشاهدة القنوات المغربية بحيث وصفها بأنها :” مستوطنات عروبية…”

كان تشبته بهويته الامازيغية إلى أقصى ما يمكن أن يجسده ايمانه وقناعته بها، رغم الاغراءات المالية المتكررة، التي يمارسها النظام في تكميم الافواه وشراء الذمم… ولم ينزاح عن الطريق التحرري رغم كل تلك الافعال الشنيعة التي قام بها النظام السياسي التي تعبر عن مكره، فكانت محاولة احراق منزله بالراشيدية من جهة مجهولة ما يتبث رصاصات ريشته التي يطلقها اتجاه العنصرية والمضايقات والاعتداءات والسياسات المخزنية الممنهجة لاقصاء الامازيغية وتعريب الارض والقضاء على الإنسان…

كانت ريشته السلاح القوي الذي لم يتمكن الاعداء لا من كسرها ولا من أيقاف مسيرة الالوان بها، أبدع بعمقه الروحي وانتمائه الهوياتي كل أشكال اللوحات التي تعبر عن الواقع، تعكس الواقع بكل مصداقية وحقيقة، أرقى بهذا الفن التشكيلي إلى تلك اللوحة التي تختزل الحرية والكرامة وصيانة الحقوق، عبر بألوان مختلفة عن مأساة ومعاناة الإنسان والمجتمع الامازيغي من تهميش واقصاء…

” مهما عصفت الموت بأرواح أبناء وشهداء تمازيغت وتمازغا، فإن قيم تيموزغا تلد جيلا جديدا، أنت لم تم أبدا محند أمزيان السعيدي، أنت مازالت روحك وريشتك بيننا، ترسم لنا مسارا نضاليا، يبعث الينا الامل بوجود غذ جديد تملأه الحرية والعدالة والمساواة، الحب والاخلاص للقضية الامازيغية.”

 

 




المصدر: تيفسابريس