محسن الأكرمين

لأسباب متعددة و منها على الأرجح  عمليات تفكيك الخلايا الإرهابية المتناسلة،  تقرر تجميد قانون التجنيد الإجباري في عهد حكومة إدريس جطو بأوامر ملكية. مرت الآن ما يزيد عن 11سنة (2006) ، تغيرت الدواعي الداخلية وبرزت أسباب أخرى خارجية، فأضحى من اللازم العودة إلى سن قانون جديد متعلق بالخدمة العسكرية بالاستناد على مقتضيات الفصل 38 من الدستور والذي حدد في النص القانون رقم (رقم 44.18)، وقد تمت مصادقة المجلس الوزاري عليه تحت رئاسة جلالة الملك محمد السادس.

لن ندخل في كنه تفاصيل وموجهات قانون التجنيد الإجباري، لكننا ممكن أن نناقش بعض التجليات التي برزت بقوة في المواقع الاجتماعية والصادرة عن آراء المواطنين، حتى و إن عن حملت شيئا من الهزل أو النقد اللاذع لقانون الخدمة العسكرية. هي ضجة التعاليق و الأسئلة التي واكبت فرحة عيد الأضحى، واستهدفت نطاقات متنوعة من الأسئلة الإخبارية،  هل هي بوادر حرب ممكن أن تشتعل في أي لحظة بين المغرب والجبهة؟ ، هل المغرب يسعى إلى تطوير قدراته البشرية العسكرية وتقوية جبهته الداخلية استعدادا لأي تحرك ممكن في رمال الصحراء المغربية؟، هل أصبحت تلك التحركات المشبوهة لجبهة البوليساريو في المناطق المشمولة بنزع السلاح تشكل هاجسا أمنيا واقفا للمملكة ؟، هل هو استعداد لأي مواجهة عسكرية إن اضطرت المملكة لذلك؟، هل التلويح بالعودة إلى الحرب من قبل جبهة البوليساريو بات يدفع بالرباط إلى إعادة تسنين قانون التجنيد الإجباري؟،  هل تستهدف الدولة كذلك إذكاء روح الوطنية لدى الشباب من خلال التجنيد الإجباري؟، هل الدولة تسعى من خلال التجنيد إلى خلق مواطن يتحلى بروح الانضباط؟.

غير تلك الأسئلة حاضرة ومتنوعة، لكننا نوثق القول أن محور أزمة القيم المتدني عند المغاربة هي من بين الأسباب الأساس لتجديد قانون التجنيد الإجباري، أن بوابة تقوية الحس الوطني والمسؤولية هو من بين دواعي تفعيل الخدمة العسكرية، وأن فرضية أي انفلات أمني داخلي حاضرة هي كذلك في إخراج قانون التجنيد إلى الوجود.

لن نختلف البتة حين نص قرار الخدمة العسكرية الإجبارية (على تكوين المواطنين تكويناً أساسياً يمكنهم من القيام بواجب الدفاع عن الوطن)، ولكن قد نختلف إذا لم تكن هنالك معادلة الإنصاف في فرض التجنيد الإجباري على كل الفئات الاجتماعية (أولاد الشعب و أولاد الفشوش) ، إذا تم خلق فجوات التمييز بين المواطنين وتم استهداف فئات اجتماعية معينة بالزمان والمكان، إذا تم التركيز على مناطق بعينها لأجل الحد من انسيابية الشباب في الحراكات الشعبية.

لن نختلف مع توجهات الحكومة و الدولة إذا ما تم التنصيص على قوانين مماثلة تهم التعليم وإجبارية بقاء المجانية، في الصحة و إجبارية تحقيق الصحة للجميع تلزم الحكومة فعلا، في خلق إجبارية العمل والتوظيف تتكفل به الحكومة، في إجبارية توطين الحكامة ومحاربة الفساد بالمساءلة والمحاسبة إلى أقصى نقطة.

لن نختلف مع الحكومة والدولة في صناعة وتفعيل إجبارية الكرامة وتوزيع الثروة بالعدالة الاجتماعية، وإذا لم توفرها الحكومة فعليها أن تستقيل و تساءل أمام الشعب. لن نختلف إذا ما فكرت الدولة في إدماج فئات الشباب (19الى 25) في مختلف القوات العسكرية والأمنية، وربح معادلة التشغيل و تحصين المستقبل والأمن وحدود الدولة.

هو التجنيد الإجباري والخدمة العسكرية كقيمة وطنية تحمل رموز الدولة العليا و تحمي المقدسات، تحمل المواطنة الخلاقة المبدعة في إطار التعبئة الشعبية لأجل القضايا الوطنية الكبرى، هو التجنيد الإجباري إن تم تطبيق قانونه بشفافية و إنصاف بين كل أفراد الشعب فاعلم بأن لا كلام عليه و نزكيه بالجمع و التأييد.