جديد انفو - الرشيدية / متابعة

تشغل الواحات بإقليم الرشيدية مساحات شاسعة كانت ومازالت مصدر رزق الكثير من الفلاحين بالقصور والقصبات منذ القديم باعتبارها ثروة وطنية وتراثا عالميا وحزاما أخضر طبيعيا، فاهتم هؤلاء الفلاحون بأشجارها واعتنوا بارضها العناية الفائقة، لكن مع التغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة  والتحولات الاجتماعية والاقتصادية وتغير نمط العيش وزحف التمدن  بدا نوع من التراخي من الفلاحين ومن ابنائهم ومن الساكنة نفسها في العناية بهذه الواحات  فنمت الطفيليات بها  'كالبيوض' وبدا اهمال النخيل واعشاشه واضحا للقريب والبعيد، وكثرت الاعشاب اليابسة مما سهل عملية توالي الحرائق كل صيف  في مناطق مختلفة بالإقليم خاصة بواحة قصر بلاغمة خلال صيف 2019 وصيف 2020 بالكارة  بالجماعة الترابية  اوفوس بالرشيدية.

الحرائق المتكررة بالواحات تستلزم مجهودات كبيرة من الفلاح نفسه ومن الساكنة والانسان الواحاتي الذي يعرف بالدرجة الاولى القيمة النفعية المباشرة لها ويستوجب الامر منه المباشرة اليومية للأرض والاشجار  بشكل فردي او جماعي بالتعاون  السمة المميزة لساكنة الجنوب الشرقي، فمعظم الاملاك بالواحات هي ملك خاص يتم العمل فيها وفق تدبير  ينظمه العرف المحلي وبتتبع من ممثلي الفلاحين على مستوى كل دائرة سقوية لكل قصر مما يصعب معه تدخل جهة ما في هذا الملك الفردي واذا تم اهمال هذا الاملاك فقد  تشكل خطرا على الأملاك المجاورة وتنتقل الحرائق بسهولة مما يقوي مسؤولية الفرد قبل الجماعة.

وقد نجد بعض الدوائر السقوية في الجماعة نفسها والتي  لم تشهد واحاتها حريقا بفضل الالتزام الفردي والتعاون الجماعي  في العناية المشتركة بالنخيل وبالتشذيب المنتظم  واخراج مخلفات  وبقايا الاعشاب  خارج الواحة وتنظيم عمليات السقي في اطار جمعيات مستعملي المياه لأغراض زراعية  وكلها عوامل تقلل من انتشار الحرائق بمساهمة الفلاح نفسه ومن المحيطين به.

الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان تتابع عن كثب وضعية الواحات وتتابع بحرقة  هذه الحرائق  فاشتغلت على برامج بتنسيق  مع السلطات الاقليمية والمكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي لتافيلالت والمكتب الجهوي للاستشارة الفلاحية والمصلحة الاقليمية للوقاية المدنية  فاشتغلت  هذه المؤسسات جميعها لمدة ثلاث سنوات على برامج توعوية تحسيسية وتكوينية  لفائدة الفلاحين بالرشيدية لترجمة هذه التوصيات والبرامج واقعا ميدانيا حفاظا  على الواحات و ساكنتها  للوقاية من الحرائق خاصة بمنطقة اوفوس .

العديد من البرامج التي اشتغلت عليها الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجرة الاركان والمكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي لتافيلالت، منها البرنامج الذي تم تقديمه  لوزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والغابات ولوالي جهة درعة تافيلالت والوفد المرافق لهما يوم 24 اكتوبر 2019 على هامش المعرض الدولي للتمر بارفود في دورته العاشرة بعد الزيارة الميدانية لواحة بلاغمة باوفوس والتي تضررت بحريق شهر يوليوز من سنة  2019. الى  جانب الاشتغال على برنامج تدخل لسنة 2020  والذي اشتغلت عليه جهات مختصة  باقليم الرشيدية  في اطار عمل اللجنة الاقليمية لمكافحة حرائق الغابات، وللحماية الذاتية والاستباقية من  جميع الحرائق المحتملة ايضا  تم اصدار قرار عاملي  يقضي بمنع حرق بقايا النخيل والاعشاب داخل الواحات بنفوذ اقليم الرشيدية كخطوة تهدف الى تفادي اهم مسببات الحريق بالمنطقة .

ومن بين البرامج التي تشتغل عليها الوكالة وشركاؤها بالرشيدية (ولاية درعة تافيلالت والمكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي  لتافيلالت )، توفير معدات للتدخل السريع ونصب لوحات تحسيسية وتوفير الات لفرم  جريد ومخلفات النخيل المستخلصة من تنقية الاعشاش ووضعت هذه الاليات  رهن اشارة تعاونية خدماتية شبابية، واصلاح  واحداث وتجهيز 8 نقط الماء بمنطقة اوفوس لتغطية الواحة من نقط الماء لإطفاء الحريق وتهيئة ممرات ومسالك داخل الواحات على طول 5 كلم تهم جميع واحات اوفوس عبر مراحل وقد شملت 17 كلم ،كما تهم تجهيز الانارة باللوحات الشمسية بالمسالك الواحاتية وتنقية اعشاش النخيل على مساحة 100 هكتار وتوزيع 2000 فسيلة من اشجار النخيل وبناء وتهيئة شبكة الري .

وتنزيلا لشعار "تجنبوا اسباب الحريق " قامت اللجنة الاقليمية برئاسة والي جهة درعة تافيلالت بحملات  مكثفة للتحسيس والتوعية بأسباب ومخاطر الحريق بوضع 7 لوحات تحسيسية على جنبات الطريق خلال شهري يونيو ويوليوز بواحة اوفوس وتنجداد من خلال وحدة متنقلة  وذلك بتنسيق مع السلطات المحلية والوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الاركان والمكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي لتافيلالت وباقي المصالح المعنية وجمعية واحة فركلة والتراث بتنجداد ، كما تم اعداد قاعدة بيانات لجميع المعطيات المتعلقة بالبرنامج في نظام معلوماتي جغرافي لواحة اوفوس وهو بمثابة بروطكول التدخل للوقاية المدنية وحماية الواحات.

هي تدابير وقائية واستباقية عديدة ومتنوعة تهدف بالأساس الى تهيئة المجال الواحاتي والرفع من نجاعة التدخل للمساهمة والوقاية والحد من الحرائق  وتبقى مساهمة الساكنة  بالواحات والتزامها هي الاهم للحفاظ على الواحة باعتبارهم الاقرب للمكان من اجل الحماية . ولا بد من التعاون كل من موقعه للحفاظ على هذا الارث الطبيعي والثقافي والترااثي الغني الذي يميز  جهة درعة تافيلالت عن باقي الجهات الاخرى.