ما معنى أن تكتب نائبة برلمانية تنتمي إلى حزب محافظ، كحزب العدالة والتنمية، تحتل منصب مقررة في المجلس الأعلى للتعليم، على جدار صفحتها بالفيسبوك، أن اسم الشوباني ليس ناجحا في السياسة فقط بل في التجارة أيضا؟

ما معنى أن تقول النائبة المحترمة بعد ذلك أنها تتلذذ بأكل «الشوباني» في كل مرة تزور فيها الولايات المتحدة الأمريكية، وأنها تجد طعمه لذيذا ومميزا؟

ثم ما فائدة أن تشرح لنا في النهاية أن «الشوباني» الذي تقصد هو ماركة يوغورت؟

كل الذين قرؤوا تعليق النائبة المحترمة حول إدمانها على التلذذ بأكل «الشوباني» في الولايات المتحدة الأمريكية، ذهب خيالهم نحو الشوباني وزير العلاقة مع البرلمان والمجتمع المدني، لأسباب واضحة.

السبب الأول هو أن السيدة النائبة ذكرت اسم الشوباني مقرونا بالنجاح في الحقل السياسي، ونحن لا نعرف «شوبانيا» آخر في الحقل السياسي المغربي أو الدولي غير معالي الوزير. مما يعني أن السيدة النائبة كانت تقصد الشوباني الوزير والأخ في حزب العدالة والتنمية وحركة التوحيد والإصلاح التي تقول النائبة إنها تربت بين «أحضانها».

السبب الثاني هو أن النائبة ربطت بين السياسة والتجارة وجعلت من اسم «الشوباني» علامة تجارية مرتبطة بالنجاح أينما تم استعمالها. وهذا إعجاب ما بعده إعجاب، بالشوباني اليوغورت طبعا وليس الشوباني الوزير.

لقد كان يمكن أن نحسب ما كتبته النائبة المحترمة على خفة الدم والروح والرغبة في الدعابة والترويح مع الأصدقاء، كما قالت في تعليق لها على نشرنا لمحتوى تدوينتها، سوى أن علاقة النائبة آمنة ماء العينين، الحزبية والمصلحية، مع الشوباني ثابتة.

لذلك فلجوء النائبة المحترمة للإيحاء في حديثها عن الشوباني اليوغورت واضح ولا غبار عليه، ولذلك لا نفهم لماذا وصفت سعادتها هذا الإيحاء بالمقيت والمقرف، مع أننا لم نستشف منه سوى ما أرادت أن توصله إلينا، أي أنها تحب التلذذ بالشوباني في كل مرة تذهب فيها إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

وعوض أن تشكرنا النائبة المحترمة على تعميم الخبر الطريف على نطاق واسع، اتهمتنا بأننا استعملنا إيحاء مقرفا ومقيتا في قضية الشوباني هذه، ودعتنا إلى تقوى الله والحشمة.

إن آخر من يمكنه أن يعطينا الدروس في الحشمة والتقوى هو سعادة النائبة المحترمة. 

ولعل الجميع يذكر عندما كشفنا كيف استطاعت آمنة ماء العينين أن تأتي بزوجها الفائض عن القسم من تزنيت لكي توظفه في وزارة الشوباني، مستفيدا من مسطرة تغيير الإطار، وبعد مدة قصيرة  سيصبح الأستاذ الفائض عن الحاجة مسؤولا عن قسم الحكامة بمديرية المجتمع المدني في واحدة من أسرع وأغرب الترقيات في قطاع الوظيفة العمومية.

والواقع أن الوزير الذي يستطيع أن يغير مسار حياة رجل ويأتي به من تزنيت إلى الرباط، ويجعل منه إطارا مسؤولا بعدما كان أستاذا بسيطا للاجتماعيات، يستحق أن ينال إعجاب زوجة هذا الرجل، وأن يحصل على لقب «الشوباني اللذيذ».

وإلى حدود اليوم لم نسمع أن «الشوباني اللذيذ» أبدى انزعاجه من إيحاءات النائبة المحترمة، زوجة موظفه المدلل. فقد سمعنا الوزير يرغي ويزبد بسبب لباس زائرة للبرلمان وجد أنه يكشف أكثر مما يستر، لكننا لم نسمعه يبدي رد الفعل ذاته بسبب ربط اسمه من طرف زميلته المحجبة في الحزب بعلبة «الشوباني».

لنرجع بضعة أشهر إلى الخلف، فقط لكي نسأل النائبة المحترمة عن مآل شكايتها التي وضعتها لدى النيابة العامة بالرباط ضد مجهول بسبب قرصنة حساباتها وتلقيها رسائل جنسية مخلة بالحياء.

لماذا أصيبت بالخرس فجأة ورفضت أن تعلق على الموضوع، كلما اتصل بها صحافي للاستفسار، بعدما كانت تملأ الجرائد والمواقع زعيقا متهمة الدولة العميقة باختراق حساباتها وتهديد حياتها الخاصة؟

لماذا لم يمتلك أي نائب أو وزير أو صاحب لسان طويل في العدالة والتنمية، شجاعة الرد على ما كتبناه بخصوص كشف التحقيقات التي باشرتها الشرطة العلمية عن تورط زوج النائبة المحترمة، أحمد أكنتيف، في قرصنة حسابها وإرسال كل تلك الرسائل الخليعة إليها؟

لماذا فضلوا جميعهم الانحناء للعاصفة بانتظار أن تهدأ الأمور وينسى الرأي العام هذه الفضيحة الأخلاقية المجلجلة التي هزت أركان حزب يدعي الطهرانية والدفاع عن الأخلاق الفاضلة؟

وحتى لا يشهر أحدهم في وجهنا ورقة الحياة الخاصة، نسارع إلى التوضيح أن الأمر ليس كذلك. فالأمر يتعلق بنائبة برلمانية ومسؤول عمومي، إضافة إلى أنه لا أحد تسلل إلى بيت النائبة المحترمة، بل هي من وضع الشكاية، أي أنها هي من طالبت بإجراء بحث في الموضوع، وعندما اكشفت أن زوجها هو صاحب «دعوتها» تراجعت إلى الخلف، وأصبح الشوباني يبحث لكي يتخلص من الزوج القرصان، فكان قاب قوسين من الحصول على منصب مدير قسم التشريع والتواصل في وزارة الحقاوي، إلا أنه وبعد صدور الخبر، أحجم عن الذهاب للتقدم أمام لجنة الاختيار وبقي في مكتبه يتأمل «أزمة التقاعد» ويؤلف مقالا طويلا حولها.

ولو أن التحريات أظهرت أن القرصان شخص آخر لا ينتمي إلى العائلة الحزبية للنائبة المحترمة، لكان الحزب وحركته أقاما الدنيا ولم يقعداها إلى اليوم.

في ردها على نشرنا لقضية يوغورت الشوباني الأمريكي، قالت آمنة ماء العينين «لم نبال ولم نرد ولم ينل منا ذلك كله شيئا». والحال أن كل ما نطلبه ويطلبه دافعو الضرائب الذين يؤدون راتب النائبة، هو أن ترد على ما نشرناه بخصوص تورط زوجها في قرصنة حسابها وإرساله رسائل خليعة إليها وإلى معارفها.

والواقع أن النائبة ليس بوسعها أن ترد، ليس لأنها تترفع عن الخوض في هذا النقاش، وإنما لأنها تعرف الحقيقة، وتعرف أن زوجها، الذي أكلته الغيرة والشك، اعترف بكونه صاحب القرصنة ومصدر الرسائل الخليعة التي كانت تتوصل بها.

وعوض أن تتحلى بالجرأة والشجاعة وتعطي تصريحا واضحا حول مآل شكايتها وتؤكد أو تنفي تورط زوجها، تفضل النائبة المحترمة إعطاءنا دروسا ومواعظ في التقوى والحشمة.

على العموم تبقى واقعة «الشوباني اللذيذ» سابقة في الحياة النيابية المغربية، إذ لم يسبق لنائبة برلمانية أن حولت اسم وزير إلى موضوع للتندر والترفيه.

ولعل النائبة المحترمة مدعوة إلى تأمل المثل الذي يقوله المغاربة في مثل هذه المناسبات، «لا تْسَرّجْ حَتّى تْلَجّمْ وُعْقُدْ عُقْدَة صْحِيحَة، لا تَتْكَلّمْ حتى تْخَمّمْ لَتْعُودْ ليِكْ فْضِيحَة».

وعلى أية حال «بالصحة الشوباني، تاكلي وتعاودي».