زايد جرو - جديد انفو / متابعة

لملوخية عدوة الخبز، وسيدة الخضر في المرق، أو" لَبْلول ْ " بلغة اهل تافيلالت، لا يحلو أكلها ولا يطيب ، إلا إذا تم طهيها ب " لَقْنوشة" أو "تقنوشت " بلغة آيت خباش، و " تَعقد" عليها النساء النار الحارقة التقليدية  ب "عِيدان "من حطب ،أو ب "مغصوب " النخيل مدة طويلة من الزمن ،ويؤذن عليها ثلاثة مؤذنين وهي فوق اللهب:  العصر والمغرب والعشاء حتى تصبح " زريعتها حمراء " وتنقطع "ريُوكْها " أي لعابها ساعة الأكل ليجتمع عليها أهل الدار بالتفريق بين مجموعة الرجال ،والنساء والأطفال.

الخبز البَلْدي المدور العريض كالعجلات ، المطهي بدوره بالطريقة التقليدية في " الكوشة " والذي عجنته المرأة " الحَادْكة " لا ، الآلة العجّانة ،التي يكره الحاج بابا الخال رحمة الله عليه سماعها حين يحلو الحديث معه بباب بيته ولو لحين ،والذي يضحك خلسة  سخرية من مستعملتها من النساء كما "يضحك على " الرجال  المتزوجين بالنساء " النعّاسَات ....الخبز الذي يجب أن يكون ،لا حارقا ولا باردا ،يُقسّم أطرافا  على دائرة الطاولة ،وإذا أحدثت "شقفة " الخبز صوتا مدويا على الطاولة أثناء التقطيع ،فذاك  عيب في عمل من عجنته  لثقله أو لكونه " مْدقّس" فيعكر الصنع ،التلذذ بمذاق لَملوخية .

تأتي الأم حاملة " طبسيل لملوخية" وتضعه فوق "الطبلة "المدورة  ،وتتمدد الأيادي وتسافر  من هنا وهناك، ولا تسمع غير " تْحَرحِير " الآكلين، لأن الكلام غير محمود في الأكل، فيمكن أن يقفز الطعام من الفم أثناء اللغو ،ويُقذف في المأكل، فيتأفف المُدَورون و" يَعيفْ" الجميع الغذاء أو العشاء  فيتراجعون.

 في أكل لملوخية الفيلالية عجب وذوق، تأكلها بالليل والنهار لمدة تزيد عن ثلاثة أشهر دون ملل ،على خلاف أهل المدن الذين يكره معظمهم حتى سماعها، وكم هو مقيت عندنا أهل تافيلالت ،حين تذكر لملوخية بجانب أحد ويقول لك " إخْ" كأنه شم  رائحة كريهة  .

لملوخية في الصيف تصل كل المدن المغربية ،ولا يشتريها أو يُقبل عليها في الغالب إلا أهل الجنوب الشرقي ، فتسمع في درب السويقة بالرباط صوت "مولاي مصطفى  طاسيل" بائعها القادم من سجلماسة بأعلى صوت يردد بنبرة عالية فيها مزحة وجد " هادي لملوخية  الفيلالية طْرية أُوفْتية ،خَصْ طّيّبْها مْرَا نْقِيّة، أُودّيرْ فيها لْحِيمَ غَنِميّة أُو زْوِيتا بلدية ،والله افتح عليك أُو علي ،أو على أمة سيدنا محمد كلّ هِي، عافاك  شْرِي ،وَلا ّ بَعّدْ عْلِيّا الله إِعْطِيكْ خْطِيّا " ...هي العبارات التي يرددها الشريف بصوته الجهوري الأجش ليبيع منتوج تافيلالت ،فيتلذذ المارة بطريقة العرض وثقافة أهل الجنوب في البيع والشراء والتعامل .

بعد الانتهاء من الأكل فالطرح لم يكتمل بعد ،ولا بد من "طْبَكْ" ديال لَمْنون الثقيل، والكبير والمقطع على شكل " صْنانْفْ او شْنَانْفْ" من الحجم الكبير، حسب التداول  اللغوي والذي لا يباع بالكيلو قديما بل بالتقريب حسب خفة او ثقل المنتوج ، بعد ان يشمها ويضربها الفلاح من هنا وهناك ، فتسمع لها طنينا  فتستمتع   بالصوت كما تستمتع بضرب رأس " لَمْصلّع"  في الصيف ،ويقدر الثمن حسب الطنين والخفة والثقل والرائحة ،ويتم الاتفاق عليه وتأخذها بين أحْضانك ،أو تأتي بها من لَبحيرة ،من "جْنان "القريب أو البعيد  في وليمة عجيبة ،وقلّ من يشتري الدلاح قديما ، لأنه منتوج دخيل   على المنطقة لكنه مفضل عند الكثير لخفته في الأكل ومائه الكثير.

يطيب مجلس  وأكل أهل تافيلالت ب" لملوخية " والمدفونة و الفراخ، وهي الأكلات المعروفة بها منذ القديم ، ومن حلّ ضيفا أو زائرا عند  اولاد تافيلالت ببيت حْدى أو خيرة أو مّا طّو، أو عند  لخلافة، أو حمان ، أو قديدِيرْ، لا بد من طَلب هذه الوجبات الفريدة حتى تكتمل زيارته للمكان .