ذ/ محسن الأكرمين.

كنت أحصي الزمن المغربي النقي بالوفاء للوطن فلم أحصل سنة 2018 إلا على قصة القرد زعطوط و اللبان المخادع. كنت أمني نفسي بحياة أفضل عند مطلع سنة 2019 لكني وجدت أن رقم ثمانية صعد إلى تسعة وبقيت كل أحاجي التغيير والرخاء والتنمية مع الواد الواد ونحن جلوس مع أولاد الجواد. حين نظرت المرآة أيقنت حقيقة أن الزمن المغربي لا يتغير إلا في رؤوسنا و يعلو الشيب و تتقلص أمنيات التغيير وتشيخ ثقافة رؤية مجهود النجاح القادم من المجهول.

حين يتحدث المنجمون عن برج حياتي (العقرب) أبتسم داخليا في نفسي كثيرا،  ففي كل يوم يصنعون لي قصة حب ووفاء، قصة خيانة تشع في صرح ممرد من زجاج فاضح على مشارف مدينة بئيسة ، قصة أمل في غد فضي معوق في حركة مجهوداته الداخلية والخارجية ، عن قصة تعب الحياة الممتدة . اليوم بصرت ونجمت ليس بالكثير، فقررت التوجه إلى مجالسة (الشوافة)  التقليدية لتفك لي خط الكف، ثم بعدها ممكن الالتفاف إلى (كوتش) ليدعم هيكل نفسيتي و مسار حياتي بمصطلحات النجاح والتغيير، والرقي بالذات نحو امتلاك محاسن الايجابيات. أعجبتني الفكرة كثيرا ولعبت في خاطري تحفيزا مدويا على المغامرة وكشف حجاب المستور عن حياتي.

سلكت حواري المدينة العتيقة وصولا إلى فسحة الشيخ الكامل الأمامية، هناك لعبت دور التائه (التالف) الذي يبحث عن وهم حل عقد حياته الدنيوية  في (الصوطة) المسخوطة و(الكبال) مول النبال و (الرَي) الحاكم. رمت (الشوافة) بأوراق (الكارطة) صفوفا رباعية معتدلة العد ومتساوية الأطراف، بعدها تنهدت عميقا فحسبتها تتأسف لحال تموضعي ضمن دوامة بداية حياة سنة 2019 ، لكنها حين وجدت ( الصوطة) مولات الذهب، بعيدة عن (الكبال) مول الذهب، ابتسمت قليلا و حملت (اللاص) مول الطبيقة في يدها وصارحتني، أن رزقا آتيا  ليصلح العتبة الراسبة ، ويفيَض خميرة الدار الفطيرة ، ويسكنك جنة خلد فرحة آتية. حين سألتها، شريفة كيف يحدث هذا ؟. انتصب لسانها مجيبا (الكارطة) قالتها والجواد (جنونك) ديالك مشدودين، دخل أولدي إلى الشيخ دير زيارة التامة، وشعل الضوء و خلي الحلاوة، وشرب من البئر الوسطاني، ورش جنبك الأيمن سبع مرات، واتكل على الله ومول النية رغباته مقضية. حينها علمت أن الحصة (الشوفان) انتهت وما علي إلا أن أمدها بحصة لعب الكارطة وحركة (الصوطة ) و(الكبال) و(الري )، خمسون درهما مقابل أتعاب تفكيك شفرات بيان التغيير برش الماء على اليمين.

عرجت تباعا على المدينة الجديدة، وولجت أول مركز للكوتشينغ، صورة مركز حديثة ومكتب تسكنه شابة تفيض ابتسامة، ويزيد كلامها كما هائلا من مصطلحات كن إيجابي...ابتسم... ستصل... ستنجح... (أودي الله يهديك قللي من كلامك ،هي توفر لي الدولة الشغل والصحة والتعليم والسكن نكون مواطن صالح و إيجابي). وعملت بعدها على  اختبار رغبتي في التغيير وحاجتي للمساندة والدعم من الكلام المليح المنمق. أمدتني أخيرا بورقة وقلم لأدون سبب زيارتي، لكني اختصرت عنها المسافة وقلت لها، باغي رؤية 2019، ابتسمت قليلا ولم تعقب عن كلامي قولا.

حين دخلت إلى السيدة الكوتش علمت أنها كانت تنظر لحوارنا عبر شاشة مرتبط بكاميرة خارجية. جلست قرب مكتبها بالقرب الموضعي بعد أن قرأت قصدي في (السما)، وهي تلتقط من عيوني رؤية حزن دفين مستورد لتلك اللحظة، ومن قعودي الجانبي المائل تهت تيها عميقا بعيدا عن المواجهة، ومن سلوكي الظاهري وربطة جبيني المقطبة بضنك العيش ، حللت السيدة الكوتش التي تتقن الكلام المزوق وتبيعه مثل (شوافة) ساحة الشيخ الكامل، وأيقنت أنني أحمل هما سميكا بدواخلي يوازي هم مدينة ووطن، صارحتني بأني أصدق النية و أميل إلى الوفاء، علمت من لمَة يدي إلى جسمي أني لا أملك من زمني إلا نفسا في صدري يتصعد علوا و أنفة .

حين أقحمتني في حديث مطول عن حياتي وآمالي الموضعية، ورغباتي المستقبلية، وعلاقاتي الاجتماعية الباقية بمدينتي ... لم أراوغها في الكلام بالمجاملة،  فقررت السيدة الكوتش تغيير موضع كرسيها العالي، وهي تتحسر من المستقبل المجهول المشدود بالمعيقات التراتبية وسألني، ماذا نريد من سنة 2019 ؟، أين امالنا جميعا ؟، أين هو التغيير المنشود عند حلول كل سنة ؟.

حينها قررت إنهاء الحصة ووعدتها بإتمام الحديث في موعد محدد في الزمن المغربي المهدور دون ختمه بذكر توافد سنة جديدة. هو الزمن المغربي غير المضبوط  على ساعة ترقي التغيير، هو زمن صناعة الأمل ودغدغة المشاعر إلى حين، هو زمن استهلاك عمر شعب وتغيير الخطابات المتحكمة بنفس العملة .