رقية ويداني - كولميمة / جديد أنفو

"العنصرت "بالامازيغية  هو منزل من منازل السنة الفلاحية يتميز بدخول الحر الشديد وتبدأ ما بين 7يوليوز الى غاية العاشر منه اواكثر وهي فترة من فصل الصيف الحقيقي يتميز بحرارة مرهقة يصاحبها سكون الرياح و تسمع فيها مقولة بالأمازيغية ( توسي اونفوس) يعني ولا نفس .

و ترافق هذه الفترة الزمنية بالذات عملية إطلاق البخور في الطبيعة وداخل البساتين ( اورتان) وتسمى هذه (العملية اككو)
وهو مايسمى بالعربية الدخان والترجمة لا تعطي لهذا الكلمة معناها الحقيقي AGGOU .

وأذكر هنا بأن هذه الطقوس لاعلاقة لها بتاتا لا بالشعوذة ولا بالخرفات كما يدعي البعض بل موروث ثقافي يعود للساكنة كلها ولازال الكثير منها يحافظ عليها بذليل ان عندما ذهبت لقطف عشبة الحرمل شاهدت أعدادا من النساء اللواتي أتين لنفس الغرض . 

وقد سبق لي أن كتبت عن هذا الموروث كلما جاء وقتها إلا أن الجديد هذه السنة أنني حصلت على معلومة ولأول مرة أعرف أن هناك وقت معين لقطف هذه العشبة وهو قبل شروق الشمس أي قبل أن تطلع عليها شمس يوم من ايام العنصرة وهذا ربما يرجع إلى حصول عليها من الصديقات والجيران الذين لايبخلون علينا منها حتى دون طلب وهذا يذل أن كل من تعود الحصول على شيء أو على خدمة دون أن يتعب من اجلها لا يعرف قيمتها وكيف تم الحصول عليها . 

وتجسد العنصرة ماذا ارتباط الإنسان الواحي بأرضه وبالطبيعة إلى درجة اللجوء إلى تطهيرها والاحتفاء بها وبكل ما تجود به من خيرات الأشجار المثمرة كالعنب والتين والرمان والنخيل ويتم إطلاق البخور باستخدام التبن وعشبة الحرمل وهي عشبة جد منتشرة في المناطق الصحراوية وبالرغم من كونها جد مرة فهي بالمقابل تنبعث منها روائح طيبة عند الاحتراق.

ومن الطقوس الأخرى التي ترافق هذا الموروث هو الكي بالنار وهو الكي الخفيف بواسطة عود الحرمل بطرفة جمرة صغيرة نلذغ بها الجلد بلذغات خفيفة على الأظافر واليدين وخاصة على مستوى البطن و جهة الكبد وهناك بعض النسوة اللواتي يتقن هده العملية حيث يمقن بهذا الكي الخفيف لبعض الأطفال المشاغبين من باب التهذيب وهذا يدل على نوع من التربية الجماعية والتضامنية التي كانت تميز العلاقات الأسرية داخل مجتمعاتنا والتي نفتقدها اليوم مع الأسف. 

أما نحن الذين من هذا الجيل فقد كنا نتسابق ونقوم بكي أنفسنا بالكي الخفيف من باب التحدي و العلاج على أساس أنه مفيد جدا لبعض الأمراض كبوصفار وبوجنبة وعرق النسا وألم الكبد وأوجاع الفقرات .

ومباشرة بعد العنصرت تنضج معظم الثمار خاصة التين (الكرموس ) والتمر البكري (تمنزوت) والتي سننعم بها قريبا إن شاء الله.