زايد جرو - الرشيدية  /جديد انفو 

ناس الخير بقصور درعة تافيلالت ثقافة وسلوكيات متأصلة  بكل الجنوب الشرقي بشكل أوسع وأرحب عن باقي مناطق المغرب ،وهم اناس في الغالب شيوخ  يتميزون بالثقة والرزانة والتبصر والحكمة  وقد يكون بعضهم من الفقهاء أو من شيوخ القبيلة او احد أفرادها المشهود لهم بالثقة والشهرة في اخذ الامور من الوسط .

هم اناس يبحثون عن "القيم" بوصفها "غايات" أو "أهداف" نهائية للحياة البشرية ويتوسطون تطوعا بين الناس  خيرا لفك النزاع الاسري او العائلي المتعلق بالأرض او الزواج او العرض او  فك الخصام او الحث على صلة الارحام ولا يتقاضون اجرا او رشوة او"سمسرة" او  " جعبة " بالنفاق والكذب والتحايل بل يسعون لتأصيل قيمة الخير أساس علم الأخلاق والقيمة العليا التي تعود إليها كل القيم كالسعادة و العدالة و الجمال  .

وقد انتشر فعل وسلوك " ناس الخير " بين قصور درعة تافيلالت وما زال مستمرا ولو بضعف قيمته حاضرا لانتشار ثقافة الحق والقانون  حيث منعت  البيئة أو التربية أو الظروف المحيطة بالناس حاليا من  إدراك الخصائص النبيلة  التي نسميها الان  بالقيم، او لكون السلوك الأمين أو الصادق  المسمى "خيراً " يُستغل لأشياء أخرى.

ناس الخير توسطوا بين الناس لتجنيبهم المحاكم وطول المساطر والوقوف امام القضاة والمحامين بين ناس يتلذذون بسماع اعراض الناس وترويجها والتباهي بما سمعوا  ويتلذذون ايضا بالردع الذي يحكم به القاضي لفك النزاع وقد تترتب عن ذلك الكثير من التبعات من قطع الارحام واستمرار القيم النبيلة التي بنيت عليها المجتمعات بعد وقبل الديانات.

القيمة الفعلية لناس الخير حاليا تبنتها جمعيات مدنية وجسدتها برامج تلفزية لتذكير الناس بان  المجتمع المغربي سابقا كان قائما على العرف وعلى الخير وحبذا لو استمرت هذه السلوكيات التي تأصلت في قصور درعة تافيلات حيث كان التعاون وكانت القيم هي الرابط للحمة  الساكنة وكان من العيب ان يصل الرجل في نزاعه مع زوجته المحكمة او يصل الاخ واخيه الى القضاء او الصديق وصديقه الى الابواب المسدودة .

عمل ناس الخير لا ينجح دائما في فك النزاعات بالخير بين الناس بل يستعصي الفعل احيانا ويقوم المتطوعون بتكرار الفعل وباختيار اناس اخرين لهم صلة قرابة بأصحاب النزاع علّ المشكل ينحل بالتراضي واذا استعصي الامر طبعا فآخر الدواء هو الكي.

الفعل السلوكي لناس الخير قل عياره وسيقل او ينعدم في السنوات  المقبلة البعيدة ريثما ينتهي الجيل الذي شب في هذه الثقافة وتنتهي التربية بالتوارث  لتتاصل تربية المصالح والفردانية ولا محالة لن يحس ذاك الجيل بوقع السلوكيات المتأصلة  المنتهية صلاحيتها لانهم لم ينشأوا فيها وربما ستنقل هذه القيم  لهم عبر رسوم متحركة والعاب بالحواسب يتسلون بها ويضحكون لبعض الوقت  على اجيالنا واجيال اسلافنا وعلى قصورنا وثقافتنا لاننا اصبحنا من الماضي وسيكون العبء لا محالة ثقيلا عليهم مستقبلا لانهم لا يقرؤون من المصادر ويتهربون من معاشرة ذويهم  واحياء صلة الارحام وثقافتهم من المواقع الاجتماعية ..فلو قدر الله وتم اغلاق محرك البحث كوكل  والفيسبوك والانستكرام وتويتر ...فلا محالة سيعيشون ازمة هوية وثقافة وفكر.