محمد حمدان

يحكي "محمد ن" أحد الناجين من حافلة الدرمشان  و هو يتحسر على هول ما حدث: ... منذ انطلقنا من الريش، كان المطر يهطل بغزارة، كانت الأحجار المتساقطة تغطي الطريق، لم يمنع هذا سائق الحافلة من الانطلاق بسرعة كبيرة، كنت شاهدا على السيناريو بحكم جلوسي على الدرج الأمامي قرب السائق، غيرت المقعد 39 الخاص بي لأن قطرات المطر كانت تتسلل إلي و تزعجني، كانت جميع الأماكن محجوزة، وكانت نساء يمسكن بين أيديهن ما لا يقل عن أربعة أطفال صغار ليست لهم مقاعد، ولن أنسى أن شخصا آخر كان جالسا في الممر بين المقاعد لم يجد له مكانا شاغرا. اقتربنا من مكان وقوع الكارثة، تجاوز السائق شاحنتي حليب ثم حافلة CTM في آخر منعطف قبل أن يجد الحافلة وسط المياه، لم تتضح له الرؤية لكونه شغل أضواء التقابل فقط...

عندما وجد نفسه في مأزق حاول أن يعود إلى الخلف فتوقف المحرك عن الاشتغال، و انطفأت الأضواء. بدأ الركاب في الصراخ و معاتبة السائق عن عدم التوقف. بقينا عالقين في مجرى المياه لمدة تناهز الخمس دقائق حسب تقديري... بدأ مستوى المياه في الارتفاع سريعا حتى بلغت الزجاج الجانبي للحافلة، شرعت في جرفنا نحو الحافة، علمنا أنها النهاية، و انخرط الجميع في ذكر الشهادتين... سقطت الحافلة على جانبها الأيسر أسفل القنطرة، جرفها تيار المياه القوي، وانقلبت ست أو سبع مرات... عم الصراخ المكان و زاد الظلام الدامس المشهد الكثير من الرعب...

عمت رائحة الموت، كنت أتمسك بجنبات المكان المخصص للحقائب الخفيفة أرتفع بين الفينة و الأخرى لأستنشق الهواء... بعدما توقفت الحافلة عن الدحرجة تشقق الزجاج الجانبي فلكمته بيدي ما جعله ينكسر، نلت من هذه اللكمة جروحا طفيفة... كنت أول الخارجين إلى الأعلى، ساعدت أربعة إلى خمسة أشخاص على الخروج من بينهم مساعد السائق، ثم بدأ الناجون في مساعد الغرقى في الصعود إلى بر الأمان، بعدها فقدت الوعي و لم أعد أتذكر شيئا...

عندما استرجعت الوعي، سمعت زوجت أخي تصرخ معتقدة أنني فارقت الحياة، بدأت أتقيأ المياه الموحلة، عندها صدمتني بوفاة رضيعتها دعاء.

حقائق صادمة عن فاجعة الدرمشان بالرشيدية