محمد توفيق الناصري
 
أرسى سعيد نجيمة، الرسام الذي يبلغ من العمر 54 عاما، هدفا فنيا في حياته يتمثل في أن يضع إبداعه في خدمة الأجيال الصاعدة والنهوض بالتراث الغني والمتعدد لجهة درعة تافيلالت الذي يجد مكانا متميزا في تاريخ مدينة سجلماسة العريقة.
 
ولا يذخر الفنان سعيد نجيمة عن استعمال الفن، من خلال عشرات اللوحات الجدارية التي زين بها العديد من المؤسسات التعليمية في الجهة، كأداة تربوية وتعليمية لتلقين التلاميذ قيم المواطنة والتضامن والأخلاق والتعايش واحترام حقوق الآخرين.
 
كما يسعى الفنان نجيمة، من خلال جدارياته، إلى توعية التلاميذ واليافعين بالقضايا المختلفة المطروحة على الساحتين الوطنية والدولية، لاسيما تلك المتعلقة بتأثير العوامل البشرية على المحيط البيئي، بغية مساعدتهم على تمثل القضايا البيئية التي تؤثر بشكل يومي على صحة الإنسان.
 
ويرى الفنان سعيد نجيمة أن الجداريات ليست أعمالا فنية مجردة، بل تلعب دورا تعليميا مهما في الرفع من وعي وتواصل التلاميذ وتحفيزهم على تنمية مهاراتهم الفنية.
 
وأوضح الفنان نجيمة، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أنه يعمل على نشر فنه عبر استهداف هذه الفئة المجتمعية الواسعة، مضيفا أنه أنجز العديد من الجداريات في المؤسسات التعليمية في الرشيدية والريش وزاكورة ورزازات والريصاني، بعضها بمساعدة متطوعين أجانب.
 
ويتذكر نجيمة من بين أعماله البارزة ضمن مسيرته الفنية لافتة بطول 33.5 متر أنجزت من قبل 70 تلميذا في سنة 2016 بمناسبة انعقاد المؤتمر الثاني والعشرين للأطراف في الاتفاقية الإطار للأمم المتحدة حول التغيرات المناخية (كوب22) بمراكش والتي عرضت في فرنسا.
 
واقتناعا منه بالدور الأساسي الذي يمكن أن يضطلع به الفنانون في تنشيط المساحات الحضرية، قام نجيمة أيضا برسم جداريات في عدة أماكن بمدينة الرشيدية التي ينحدر منها، مبرزا أنه يقوم بذلك في سياق المساهمة في الدينامية الحضرية برؤية فنية.
 
ويعتبر أن عمله يروم أيضا المساهمة في تعزيز تأثير الجوانب المختلفة للتراث الحضاري لجهة درعة تافيلالت وإعادة تأهيلها، مشددا على أن هذه الجهة “وريثة” مدينة سجلماسة التي يعود تاريخها لعدة قرون وكانت مفترق طرق حضارات عدة، وتتوفر على تراث ثقافي ومعماري غني ومتنوع يستحق تسليط الضوء عليه.
 
وبغية المساهمة في إحياء وتعزيز تراث المنطقة، أنجز نجيمة لوحات وجداريات تتطرق لمواضيع تهم، على الخصوص، قصور وقصبات جهة درعة تافيلالت، والمرأة القروية، وموسيقى كناوية، والمعمار المحلي، لكون الفنان شاهد على زمانه ويجب أن تعتمد أعماله على تاريخ وعادات وتقاليد المجتمع.
 
ويتجلى اهتمام هذا الرسام، الذي اكتسب فن الرسم باجتهاده الخاص، بتراث الجهة من خلال المزايا غير التقليدية للوحاته والمواد المستخدمة التي لها علاقة بالثقافة المحلية.
 
وجوابا على سؤال حول التيار الفني الذي ينتمي إليه، أكد نجيمة أنه “لا يرغب في أن يصنف”، معتبرا أن مواضيع اللوحات والجداريات هي التي تصنف ضمن هذه المدرسة أو تلك، مع اتباع التقنيات المناسبة لتوضيح الرسالة الفنية.
 
وأضاف أنه رسم، طوال حياته الفنية، لوحات على القماش مستوحاة من مبادئ العديد من الحركات الفنية التصويرية، ضمنها التكعيبية والتجريدية والواقعية والانطباعية.
 
وأشار إلى أن الرسام المغربي، على غرار المثقفين والقوى الحية في المجتمع، مدعو لدعم دينامية التنمية في المغرب، من خلال تجسيد أعماله للقضايا الهامة للبلاد.
 
سعيد نجيمة فنان ملتزم ويجتهد من أجل رسم اسمه ضمن المبدعين الذين يعملون من أجل التنمية وتعزيز التراث المحلي، وذلك رغم الصعوبات التي قد تعترض طريق إنجاز أهدافه المتعددة.

المصدر: و.م.ع