زايد جرو - الرشيدية / جديد انفو (كاريكاتير : عبد الغني الدهدوه)

الحامض هو الثقيل على الأعين في الرؤية، وعلى القلوب  في الطبع،  وعلى السمع في  الكلام، وهو الثقيل على النفس لجبلة فيه قلما يلحظها أو يدركها  لنذالته وإن لاحظها فلا يكترث لأثرها ولا لأهميتها، ولا يستطيع عيار قدر نفسه، ولا قيمة طبائع وصنائعه، فيستقبحه الناس الذين يفطنون بسرعة البديهة  لمكارهه، وهو أجدر بأن يُنصح، وينبّه، ويُذْكر علّ الذكر ينفعه ..

السياسي الحامض والحامضة له ولها  صفات كثيرة، منها 'التقزدير' و'الوجه القاسح' قلة الحياء والكذب والنفاق ونكران العشرة ولا يعنيه مواجهة الناس بالكلام المؤذي، والضحك  "المُبهّت" من أجل إرضاء الآخر وتسييد العبد والنذل  لحاجة فيه او لنفع مرتقب .. وقد سئل  أعشى قيس ' من عمّش عينيك ؟ قال كثرة رؤية الثقيل والثقلاء  بمعنى  الحامض " أو " الباسل" بلغة معاجم العرب، ونظرا لخطورة الحامضين والثقلاء  خص لهم أبَي بن محمد الزمزمي كتابا سماه : "أخبار الثقلاء والمستثقلين،" ، عرَّف فيه الثقلاء، وذكر أصنافهم، وعدَّدَ  أخطاءهم ، وذكر طُرفا من طرائفهم .

والحموضة في السياسة  صفة كثرت  هذه الايام وزادت  طموحا في المناصب بتوزيع الاهل  والحواشي على الكراسي لتوريثها وتشكيل متحورات انتخابية انتهازية جديدة  بكثرة " اللغط " و" تمجميج "  وبلغة  مفضوحة و ' مفروشة '  لم  يسلم منها لا السياسي ولا المثقف ولا شبه المثقف  ولا الشعبوي  من القوم، ولا  المسؤول في سلك الدولة  ولا الفقيه في علم الفقه ولا المربي في علم التربية ولا الاعلامي في الإعلام ولا الجمعوي في العمل التنموي، ولا أمناء الاحزاب في برامجهم ولقاءاتهم ولا الفيسبوكيين  على صفحاتهم  ولا النساء في مجامعهن ولا الشباب في لقاءاتهم ..

كلهم "يمجمجون " بدرجات متقاربة او متفاوتة  ويحمضون الكلام  والمجمع بالتفاهات  بإذلال النفس، و"البسالة" من اجل اوراق رابحة في الانتخابات . 

وعلى السياسيين والمنتخبين ان يطرحوا السؤال على انفسهم " واش حنا بصح حامضين ومجماجين وانتهازيين "  رغم انهم يدركون انهم كذلك  فقد تكون الصفة  متجدرة  فيهم  وورثوها من نسلهم بشكل  اقوى  أو اكتسبوها بشكل اعمق بكراسيهم المزيفة وينقلون عدواها لأقربائهم ويحتشم الناس من وصفهم  بها وجها لوجه، فإدراك المرء قدر نفسه  قد يبعده عن الغي والوصولية والانتهازية  .. اللهم ابعد عنا الوجوه و ' القماقم ' الفاسدة  التي تعرقل التنمية بالجهة ب ' العصا في رويضة ' وعلى المواطن ان يدرك قيمة صوته في كل الاستحقاقات  لتغيير الوجوه الفاسدة.