زايد جرو ـالرشيدية /جديد انفو
من الظواهر المشينة والمعيبة والمقيتة بمرزوگة، هي السعاية بأبواب بعض الدكاكين والمحلات التجارية التي يقصدها المتبضعون لاقتناء حاجاتهم، من اطفال بأعمار مختلفة تظنهم من المتبضعين، فإذا بهم يسعون ويمدون اليد بالطول وبوجه غير منكسر بالقول 'دور معانا أعمي عافاك '، والغريب أن لبسهم يصنفهم في خانة هي فوق الفقر، او فوق متوسط العيش .
السعاية من الأطفال في السابق كانت مزحة فقط، مع السياح حيث تسمع الاطفال بالريصاني من حين لآخر وهم يحومون حول السياح بالقول ،' donnez moi un dirham Monsieur ' بفرنسية ركيكة وبنطق غير سليم ،وهي عبارة تتكرر على المسمع في أماكن أخرى ،وكانت ربما عادية في السابق على المسمع، لكن ان يأتي الفعل من اطفال وشباب، في سن التمدرس بالإعدادي أو الثانوي، وفي مرزوگة بالأخص، أصحاب عزة و أنفة حسب تاريخ آيت خباش بتافيلالت ،تلك مهانة ما بعدها مهانة فصاحبُ عِزّة نفسٍ لا يمدُّ يدهُ للآخرين من أجلِ السّعاية، فالأهالي كانوا على مر الزمان بكرامتَهم وبعفتهم رغم الحاجة ، وصدقَ عملِهم وحده لسانَهم في الحال، وارتفعوا بذلك درجات، وحتى في مرضهم واشتداد الألم لا ينكسرون ولا يرضون بذلَّ المرض ولا يشتكون رجالا ونساء ولا يستجدون المكانة، والمنصب والكرسي، ويؤمنون بأن الكرامة أغلى من كل مكسب. وكرامتهم لا تساوم وفوقَ كلِّ اعتبار.
'دور معايا أعمي ' كانت محور نقاش موسع لدى مجموعات 'وات ساب' بجماعة الطاوس، وانتقلت لمجوعات اخرى حيث العبارة خدشت الحياء العام، فكانت التدخلات مختلفة، من المتدخلين من اعتبرها سلوكيات دخيلة، ومن اعتبر بأن هؤلاء ليسوا من المنطقة، ومن اعتبرها طيشا، ومن اعتبرها بداية للانحراف ،ومن اعتبرها سلوكا عاديا بمقياس سعاية الكبار، وسعاية بعض الجمعويين الذين يجمعون المساعدات لآخرين حقيقة او ذريعة، بل من اعتبر ان البعض يمد اليد للسياح بذريعة فعل الخير للمحتاجين في الأماكن الصعبة والوعرة ..وكيف ما كان الحال فالفعل غير قانوني وقد يعاقب عليه القانون، لان الدولة لها مؤسساتها، ولها وزارة خاصة بالتضامن والطفولة والأسرة ، ولا حاجة لتشويه سمعة البلاد و العباد ولا يجب أن نقايض او نساوم اونتاجر بسمعة الوطن وبمصلحة وكرامة الدولة الاجتماعية مقابل مصالح نفعية ذاتية مقيتة.. لنرتقِ بسلوكنا خلُقا وتخليقا للحياة العامة أيها القوم وأيها المواطن، فالذلُّ لا يصنع مجدًا، والعِزّة قوة،ومن حفظ قدره، حفظه الناس.
عبارة :' دور معانا أعمي' حملناها سؤالا للمنعش السياحي والمستشار الجماعي بجماعة الطاوس ' حسن بوشدور ' فقال: ' المنكر أيا ' وقد وقعت لي شخصيا بباب دكان للتبضع من شباب لا يبدو على مُحياهم الفقر ،وذاك ما حز في نفسي .والمشكل ان الفعل يتكرر معي، ومع غيري من داخل الوطن او خارجه، وليس الفعل من سلوكيات المنطقة ويجب التدخل من الأسرة اولا، لان مهمتها التربية ،و جمعيات المجتمع المدني، لان مهمتها تقويم السلوك المدني والرقي بها حسب قانونها الداخلي، وجمعية امهات واباء التلاميذ، والمدرسة ....'
واضاف إن العِزّة لا تكون، الا بالسلوكٍ الثابت والمواقف الصادقة ،و أهم ما يكسبه الإنسان هي العزة والكرامة والثبات على المبادئ وعدم التفريط فيها واحترام الذات قبل مطالبة الآخرين باحترامك لتمشي مرفوع الرأس، مطمئن الضمير، لا تُذلّك رغبة ولا يكسرُك موقف،'.
محاربة السعاية من اختصاص الجميع: أسرة ومدرسة وجمعيات والسلطات المحلية بأنواعها فيجب القيام بدوريات وتحرير محاضر للراشدين او لأباء غير الراشدين، حسب ما يسمح به لهم القانون، فذلك من مهامهم التي تنضاف إلى مهام القلم فوق الكرسي والمكتب خلف الأبواب، فقد نجد الكثير من القصور بتافيلالت ومنها مزگيدة وهارون .. التي تعيش ساكنتها الهشاشة ويزورها السياح والاجانب ولا نجد أحدا من الاطفال يمد يده أبدا بل يتدخل الكبار حتى لا يحوم الصغار حول الزوار او يزعجون راحتهم لانهم تعلموا منذ الصغر شيئا اسمه العزة .
حملنا ذات السؤال للناشط والفاعل الجمعوي ' امحمد باحدو' الحامل لشواهد في علم الاجتماعي وصاحب خبرة كبيرة في النقاشات الاجتماعية بدرعة تافيلالت فكان تعليقه على الاتي : ' يقول دوركايم في وصفه ل الظاهرة الاجتماعية :
تكتسي الاشياء والسلوكات صفة ظاهرة اجتماعية عندما تتميز بسرعة الانتشار ،وظاهرة ،' دور معيا ا عمي' أصبحت ظاهرة اجتماعية في المنطقة بحكم سرعة انتشارها و الاسباب المحفزة لذالك الانتشار ,وساهمت وسائل الاتصال في ذالك حتى اصبحت بالتالي ظاهرة اجتماعية مشينة لا تمت بصلة بطبيعة المنطقة و بقيمها.
و ماهي حسب رأيي الا امتداد لظاهرة انتشرت في السينين الأخيرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي خاصة عبر مجموعات واتسابية في المنطقة تحت مسمى" جمعتاغ ا فلان او فلتنان" تحت ذريعة التضامن و الاحسان .
وحسب دوركايم دائما فالظواهر الاجتماعية هي امتداد لبعضها البعض، و من ظاهرة واحدة تنبثقةظواهر اخرى مثلها مثل الظواهر الطبيعية من الغيوم يخرج المطر و يخرج البرق و الرعد ...و هكذا .لذالك صنف دوركايم علم الاجتماع ضمن العلوم الطبيعية التي تهتم بالمجتمع و مشاكله .'
,المعالجة الظاهرة أضاف: ' معالجة تلك الظواهر المشينة فالدور يبقى على عاتق الاسرة و المجتمع المدني انقاذا لجيل المستقبل حتى لا يذهب ضحية لهذه الظواهر التي لا ترحم مثلها مثل الفيضانات و الزلازل ....'
'دور معانا أعمي' لها جذور قد ترتبط بالرغبة في الربح السريع دون عناء، وقد تتطور إلى ظواهر انحرافية بشراء مسكرات او ' مدوخات ' كالسلسيون وشاكلته، ويجب وقف هذه الظاهرة بتفعيل القانون وتحرير محاضر ل' السعاة ' في الواقع و المواقع، و الساكنة حسب اديوهات متفرقة تستنكر الفعل، ولا بد من الردع حين تعجز التربية في معالجة مثل هذه الظواهر التي تسئ للساكنة والمجتمع والوطن.
|
|