زايد جرو - جديد انفو

أصبحت  العديد من المدارس فضاء لإنتاج العنف والعنف المضاد وقبلة لظواهر غريبة  تتنامى يوما بعد يوم  لارتباط السلوكيات المكتسبة بالتحولات النفسية للمتعلمين وبالتغيرات الاجتماعية التي مست مناحي الحياة في كل جوانبها الاقتصادية والنفسية والاجتماعية .

المدرسة كفضاء مادي ومعنوي، رغم اجتهاد المهتمين بالشأن التربوي  والبيداغوجي  للتقليل من التأثيرات السلبية لسلوكيات الشارع وجعل  التغذية التربوية  في خدمة المجتمع  للمساهمة في آليات الضبط الاجتماعي فقد بقيت مجهوداتها ضيقة أمام حجم شساعة السلوكيات المشينة للشارع وتأثيرها على المحيط المدرسي وبقي المدرس حلقة  ضعيفة أمام وقع  كل الأجهزة الرادعة  لسلوكيات المتعلمين تحت حزم من المذكرات التي تتجنب كل ما من شأنه أن يمس تعلمهم بشكل سلبي لأن المتعلم هو الحلقة القوية والعماد في العملية التعليمية التعلمية وما عداه لا يعدو أن يكون  من الوسائل الديداكتيكية  حتى وإن كانت عناصر بشرية، فالحق له في كل شيء حتى ولو  سب وقذف وبصق  في وجه المربين  وإدارة المربين، ولا حق لأي جهاز كيف ما كان أن يحرم  ذاك المتعلم من تعلمه، وهناك طبعا  مجموعة من التدابير الوقائية  والفعلية  كانعقاد مجلس الانضباط الذي يجب ألا يعاقب المتعلم  بدوره أو يعنفه بشكل كبير مراعاة لسنه وتجنبا لهدر زمن تعلمه ،ويمكن  أن  يكلفه المجلس بأعمال معينة داخل المؤسسة في زمن محدد.

الفيديو الذي انتشر اليوم بشكل كبير في المواقع الاجتماعية والمواقع الالكترونية خلف انقباضا كبيرا لدى المربين وخلف سخرية كبيرة من المربي الحلقة الضعيفة في الهرم التربوي ولم يعد المدرس هو الأب ولا المعلم  ولا الأخ الكبير  بل هو الغريب الذي يجب رجمه وضربه والأمر جلي في بعض مقاطع الفيديو حيث ساعد  بعض المتعلمين صديقهم في الضرب والإهانة وبقي بعض من البعض "يتفرج" على المشهد .

كل مرب  لا بد أن  يكون قد تقمص وضع  المدرس المسكين الذي "بهدله " متعلموه الذين يلقنهم الحروف كل صباح ،ويعلمهم المشي على السطر ويذكرهم إذا نسوا كل شيء  حتى بح صوته خدمة وواجبا، ولم يكن جزاؤه وحظه من التعب  غيرالضرب والجرح ... للأسف لم تنفع الحملات التحسيسية التي تنظم مركزيا وجهويا ومحليا  والتي تستهدف كل المتدخلين  والحلول ما ازدادت إلا تعقدا  وأمست  مستعصية في غياب خطط  تشخيصية علاجية متكاملة تنصف  جميع المكونات الفاعلة والمتفاعلة في المحيط التربوي.

 دور المربي  في هذه العملية  الانتقامية  ضعيف من خلال الفيديو  فانقلبت عليه المقالب  وأصبح طرفا سلبيا فيها مشكلا صورة معقدة مؤثرة على سلوك كل المربين وبعض التلاميذ أيضا، ويتساءل الجميع ما هو السلوك التربوي البديل لرد الاعتبار للمدرس ؟ وكيف سيعيش أيامه المقبلة داخل نفس الحجرة وأمام نفس المتعلمين؟ المتعلم الضارب سيعود للصف الدراسي وسيموت المضروب  غصة وتستمر المعاناة في العديد من المؤسسات لأن هذه الحالة هي جزء من حالات متعددة في مؤسسات تعليمية كثيرة في كل الجهات دون استثناء.

يا مدرسُ اجمع أشلاءك ونظف عينيك من عبرات الزمن الرديء وامسح سبورتك بيدك واكتب عليها بعضا من تاريخ لعبة النسيان ولا تعد للقهقرى  تهربا من الواقع المأزوم الجريح ،واحمل حقيبتك ناصية جهدك واحسب خطوات مشيتك التي سيثقلها الهوان والذلة والمذلة ولا تنتظر رد الاعتبار من أحد، وكرم نفسك بالنسيان فهو نعمة كما لقنوا الجميع منذ فرك عمش الطفولة لأن معظم  المذكرات  للمتعلم وسيجلدونك بخطب اللوم والعتاب والتقريع  وكأنك المرتكب للزلة التي لا تغتفر... أنت  أيها الأستاذ  ما كان عليك كذا ..... ولو فعلت كذا لكان الأفضل... فـأنت العظيم  العاقل والمعقول والمتعقل  ونجاك الله من الاعتقال وأنت المرشد والراشد والكبير، انت الذي يجب أن يصبر فالمتعلم ابنك وابن أخيك وابن عمك وانت أهله فاتعظ يا أستاذ وهل تقبل أن نرمي بابنك في الشارع ... وسيطلب  الجميع  من المتعلم الاعتذار لك  أمام المتعلمين إذا رغب  وإذا رغبت فاكتب تقريرا وسنرى ما في الأمر... ويجب أن تتراجع عن غيك فعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم ... " بيني وبينك " تجاوز الأمر تجنبا ل: تشرميل البشري خارج الأسوار لتنجو بعظامك سالمة قبل أن" تُجَبس "إذا وجدت طبيب العظام بمقر عمله ،فمعظمهم  "تيبريكوليو"في المصحات الخصوصية  يقضون حوائجهم هناك بالكتمان...فكر يا أستاذ فالفرصة بين يديك قبل أن تتسبب مشكلتك في توقف التلاميذ عن الدراسة وربما تتطور القضية فبلدنا آمن ونحمد الله على نعمة  الإيمان والأمان والسلم والسلام ....فكر بتعقل يا أستاذ فأنت في مجتمع تُحرق فيه الكتب وانت في مجتمع يفرض الصمت على الأفواه ،والحجر على الأفكار ،وفي كل سؤال يجب أن نستأذن ،ولا يسمح لنا أن نربي أطفالنا كما نريد ،ولا أن نعلمهم أن التربية تهذيب وأخلاق قبل أن نعلمهم بأي قدم يجب أن يدخلوا المدارس، فكر يا أستاذ برزانة وتعقل وشد العصا من الوسط .......