زايد جرو- تنغير/ جديد انفو

عندما نتوقف عند  تسيير المجالس و الجماعات  والانتماءات الحزبية ونتوقف عند  الأشخاص الذين يدبرون الشؤون المجتمعية  في كل المدن ينتابنا العجب من  الصراعات والتراشقات والاتهامات  في أجواء مشحونة بالتشنجات، والمواطن في كثير من الأحيان  لا يستطيع أن يميز   بين الخيرين من الخبيثين منهم، أوالذين يعملون لصالح الساكنة أو لضدها أو الذين يعملون لصالح أحزابهم  أو لمصالحهم  الشخصية.

وبالنظر لكل هذه التداعيات، وما آلت إليه أمور السياسة بتنغير، من تسلطات  سياسة حزبية  متوارثة أو وليدة  أو متوالدة ،  أو من ضعف في التكوين الحزبي وهشاشة آليات نقل التصور الواضح غير المبهم  للمتتبعين أو المنخرطين  من خلا متحزبين مندفعين أو مغشوشين  أومعطوبين في ثقافتهم وتكوينهم بشكل عام  فقد  تقع على الجميع المسؤولية الكاملة في حسم  الانتخابات المقبلة، فأصوات الساكنة هي التي تقرر النتائج  لصالح المفسدين أو لصالح من يخلق النزاهة  والمصداقية لحزبه بناء على مَسير وتاريخ حزب آخر بكشف الخروقات  في التسيير والنبش  في كل الأرشيفات من أجل إيجاد المدخل لتثبيت  القدم وإقرار النزاهة  خاصة  في الملفات المتعلقة بالعقار أو في تفويتات لأراض سلالية لجماعة  أو جمعية دون أخرى  لأن العقار هو المحرك للاقتصاد والمس به  أو الحديث عنه  يغري ويستقطب المتابعة ويلفت اهتمام  كل المتحركين على الساحة  باختلاف ثقافتهم  وانتماءاتهم .

الدعاية الانتخابية بتنغير قد بدأت على المواقع الاجتماعية  في صفحات خاصة ولا يمكن محاسبتها  قانونا لأنها شخصية  ،ولا يمكن متابعة أصحابها  بتهمة حملة انتخابية سابقة لأوانها، لأن الفضاء لم يقننه المشرع المغربي بعد، فالحملات الانتخابية التقليدية كانت تعتمد أساسا على التقارب  العرقي أو التاريخي  بين القبائل، أو التقارب الجغرافي في السكن، أو التقارب في المصالح  : هذا منا وذاك  منهم وذا من آيت فلان وذاك من آيت فلتان، فتقام التجمعات والحشود، وتنقل الناس كالدواب على متن  الشاحنات ،وتنزل هنا وهناك، وتجلد بالخطب الطويلة التي قلَّما يجود بها الزمان على الأنام، وتشتت الأوراق في الشوارع، وكلها وسائل قد تبدو في الحال متآكلة، حيث ستلعب المواقع الاجتماعية عبر الفيس بوك دور المنصة المتسعة والوسيلة الحضارية السامة، لتمرير الرسائل  والصور والفيديوهات، للدعاية والتأثير  والتعبئة الشاملة والحشد الكبير، وقد تفي  بالغرض لأن الأعداد المنخرطة في هذه المواقع تفوق التجمعات التي يمكن إحداثها في مكان ما فوق منصة ثابتة أو متنقلة، فخريطة من يملك (5 ) آلاف صديق على جداره اليومي قد تتسع يوما بعد يوم، ويمكن أن يمرر لهم رسائل في وقت ضيق جدا  لتنتشر المضامين كالسرطان وتتناسل في ظرف وجيز،  وحزب العدالة والتنمية يحرص على التواجد في المواقع الالكترونية، من خلال "معركة الأفكار"  وتخصيص ميزانية سنوية كبيرة لقسم التواصل وتجنيد "جيش" من الشباب للرد على كل من يمس بحركة الحزب أو يقلل من شأنه وهي خطة واضحة للحزب ومفهومة لكن يجب ألا تتحدى اللباقة وتصل لحد الشتم والسب والتب لأن ذلك قد يدمر الحزب ويسيء إليه أكثر مما يقوي عماده .

ما يتعلمه المتحزبون في بداية أي انخراط  حزبي هو التسليم مسبقا بكل قيم الحزب، وفهم مرجعياته والاستعداد للتضحية بالنفس  والنفيس من أجله، وتقديس رؤسائه والسمع والطاعة لهم، كما يعلمك الحزب  في البداية الهجوم المبني على خطة منهجية دقيقة قبل الضربة القاضية للحزب العدو، لتأتي المبادئ الأخرى كالحرية والديموقراطية والتنمية وهي الأمور المشتركة بين جميع الأحزاب  وكل حزب يعزف على قيمة من قيمه  التي قد تكون  تنموية أوجمعوية أو حقوقية أو حرية أو فلاحية ...

 فعلى كل الذين ينوون المشاركة بأصواتهم في الاستحقاقات المقبلة أن يعلموا بأن  هذه المواقع  الاجتماعية يمكنها أن تحسم النتائج ، وعليهم أن يدركوا بأن هذه  اللعبة، لا يجيدها الا المتفقهون في الخدع والذين يدركون بحق ما يفعلون ذكاء ودهاء لا غباء، فكلما اقترب الوقت إلا واتسعت اللعبة أكثر بتدبير من مهندسين في التخطيط الانتخابي الالكتروني، وستعجز المعجزات عن  تخليص الساكنة  من هذه  اللعنة  أمام مسرحيات  مفضوحة  رغم الاختلاف  في الإخراج والمزاليط من المصوتين  تصب وتقطرعلى رؤوسهم التعثرات والأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية على مر الأحقاب.

المشهد السياسي لحد الآن بتنغير مازال ضبابيا، لأن أغلبية الساكنة اختلطت أوراقها أمام سيناريوهات مكرورة ، والثقة  بهذا الحزب أو ذاك قد تم تجريبها وعيشها  سلفا دون نتائج  ديموقراطية ملموسة  لصالح هذه الساكنة ولم يستطع أي حزب لحد الآن تقديم حصيلة عمله ومدى تحقق نسب معقولة في الشعارات التي رفعها في حملته الانتخابية السابقة، وعلى تنظيمات المجتمع المدني والجهود الخيرة في البلاد ان تعمل على نشر ثقافة وعي المواطن وأهمية مساهمته  ودوره في العملية الانتخابية  المقبلة برمتها، ويجب ألا نمنح أصواتنا وبصماتنا  إلا للذين يحملون همومنا، ويسعون إلى تخليص المواطن من كل ما يمس كرامته، ويحفظ حقوقه، ونلتمس  من المسؤولين في  العملية الانتخابية والأوساط السياسية تشديد الرقابة، و العمل على إيجاد نقط الضعف  في الاستحقاقات السابقة ومعالجتها بشكل صحي، وعدم السماح  أو التستر على أية خروقات تسيء إلى العملية، لأن الرقابة هي  السبيل الوحيد للنجاة والخلاص مما يجري حاليا  من فوضى وتعثر وغموض الرؤيا في المشهد السياسي .