زايد جرو/ جديد انفو

 "طارْ عليَا الأستاذ من القسم " تركيب متداول بشكل كبير بين المتعلمين بمدينة الرشيدية، وانتقل لحديث الأسر، وانتشر بشكل غريب ،كما تنتشر الإشاعات والإساءات بين الناس في المجتمعات التقليدية التي ما زالت تعيش بشكل جماعي  متوارث وتقتات من النميمة ،بشكل فوضوي أمام القصور والقصبات  ،وعلى كراسي المقاهي وأبواب الدكاكين والمحلات التجارية ومكاتب الإدارات العمومية والخصوصية، ولم يحن الوقت بعد لهذه الفئات من أجل مراجعة وتصحيح قيمها وإصلاح أفكارها المعطوبة.

التركيب "طار عليا الأستاذ من القسم" يرددها المتعلمون بشكل عاد ،دون استحضار أبعادها ووقعها ومرجعياتها المعرفية وقد يثير سماعها لأول مرة نوعا من المزحة والغرابة ،وقد تدغدغ  المشاعر  أحيانا ،فيضحك المرء ملء نفسه، لدلالتها خاصة الذين ينتمون لثقافة أخرى ، أوالذين لم يسبق لهم أن سمعوها حيث المتداول عادة في جميع المدن" خرّجني الأستاذ" " جرْى عليا الأستاذ " زعّكني الأستاذ " "إسّوفغي الأستاذ" وغيرها من التراكيب  الأخرى... والعبارة قد تحمل نوعا من العنف الرمزي الذي قد  يَفهم منه المتعلم أن  المدرس حرمه من المتابعة الصفية ،وقد ساهم في ضياع زمن تعلمه دون أن يستحضر ذلك المتعلم  لماذا " طار عليه الأستاذ".

الجواب على السؤال أن المدرس ما أتى للفصل أصلا إلا من أجل العمل، ولأداء المهام المسندة إليه قانونيا، ولأداء الرسالة التربوية ،ولا بد من توفير الجو الملائم له  لتمرير هذه الرسالة، وتوفير المناخ التربوي رهين بالمتطلبات  المتقاسمة بين الأسرة والمشغل والمجتمع والمدرسة من أدنى المراتب  حتى أعلاها ، فالأسرة  ملزمة بزرع نوع من القيم ،والمجتمع ملزم بتقويتها في خط أفقي، لتتوسط المدرسة لاستكمال التنشئة الاجتماعية لتكوين فرد مشبع بالقيم قادر على العطاء ، ومساهم في التنمية  للتقليل من العدميين  والمتجولين والمتسكعين والمخمورين والمتحششين و"المشرملين".

"طار علي الأستاذ من القسم" عبارة تحولت إلى ظاهرة تربوية عالجها القانون بنوع من التسطيح  وبلغة خشبية لأن المشرع بعيد ومعزول عن الوضعية النفسية والاجتماعية التي يعيشها المدرسون داخل الفصول الدراسية من اكتظاظ ومن موضات حلق الشعر: هذا عرف" الفروج" وذاك من  الحروف ،والخرائط لمن زاغت به الطريق...  وسراويل" دجين" المثقوبة من كل الجوانب تطل العيون من نوافذها على لحم الفخذ ،ودون حزام سلامة لتظهر الملابس التحتية، وماركاتها المسجلة  ،وبهواتف نقالة ذكية وأحذية  عالمية،وعطر رفيع ، وما يوزاي ذلك  هو الكلام الساقط  الدوني ...وبدون كتب ولا وسائل تعليمية ولا أدنى قابلية للاستماع قبل الإنصات.

المسؤولون على المؤسسات التعليمية واقفون ، ولو بدرجات متفاوتة بالأبواب في الصباح والمساء، يراقبون ويتابعون وينهون ويوجهون ،وبح حلقهم بشكل يومي، والمدرسون يجدون صعوبة في التواصل مع متعلميهم ،لضبط  وتوجيه  وتقويم وإصلاح وترميم سلوكيات مجتمعية رديئة تم نقلها من الخارج ،لداخل أسوار المؤسسات التعليمية التي تسعى بجهد كل اطرها لاستكمال التنشئة والتقليل من هذه الظواهر التي تعرقل سير التعلم بشكل وجيه ،ومن المفروض والواجب على الأسروجمعيات المجتمع المدني والسلطات وهيئات الأطباء  والسوسيولوجيين أن يتعاونوا  جميعا مع المؤسسات التعليمية  في كل المدن للحد  من ظاهرة" طار علي الأستاذ " التي يتسبب فيها المتعلم بشكل كبير، حتى لا تتطور لظاهرة انحرافية بمعجم أكثر قدحية أو لسلوكيات  تهديدية  فيها السب والشتم وقد تنتهي أطوارها في المحاكم.