زايد جرو - جديد انفو

خاض الموظفون الإضراب الوطني تعهدا والتزاما بالقيم والمبادئ التي قطعوها على أنفسهم وعدا ، ولم يحرجوا نقاباتهم في الخميس الأسود  دفاعا عن الكرامة التي بدأت تتلاشى يوما بعد يوم ،تحت سيادة وسياسة حكومات انشغلت على ملفات التفنن في  قهر المواطن ، وتعهدت على تمريغه بالزيادة المكرورة في كل شيء، ولم يتبق لهذه الحكومات  غير التفكير في وضع عداد للهواء الذي يستنشقه  المواطن من أجل أداء فواتير استهلاكهم من هذه المادة الحيوية، وويل لذوي الرئات الواسعة ذات الخراطيم الواسعة والطويلة  أو الذين يغطون في نومهم كثيرا.

نسفوا الحوار الاجتماعي، وتمددت حلقاته  كالمسلسلات المدبلجة ، وحن المحتجون لحوارات سنوات عهد الرصاص التي كانت الإضرابات فيها تعطي ولو القليل ،وتأسف  الموظفون على عهد الحريات والتوسع الحقوقي  الذي  أتى على المكتسبات والمطالب ،وعلت لغة الاستخفاف وتضاربت المواقف بين النقابات التي سجلت النجاح الكاسح والحكومة التي سجلت الفشل الكاسح أيضا وكأننا في مغربين مختلفين  فزحفت  بذلك على الحقوق والمكتسبات العمالية وأتت على الأخضر واليابس  والتفرد بالقرارات والمس بالحريات النقابية ومكتسبات التقاعد .

الإضراب أعاد الكثير من الدفء للعلاقة بين النقابات والقواعد، والحكومة أغضبها الفعل وضللت الرأي العام من خلال تصريحات وزيرها في الاتصال الذي اعتبر الإضراب عاديا ،ورغب في إقناع النفس بالوهم  وبغير ما هو في الحقيقة  أصلا  بهتانا ،وخلف تصريحاته مسكوت ووعد ووعيد بالزيادة الكبيرة في الاقتطاعات من أجور الموظفين انتقاما من قيم أبى الدهر أن يمحوها رغم تعاقب الاقتطاعات التي لم تركع القواعد بل زادتها تعلقا  بالميثاق الأخلاقي  الذي يربطها بنقاباتها .

الحكومة ستتفنن في الزيادات الكبيرة من الاقتطاعات من أجور الموظفين لكن القواعد لن يرهبها الفعل بل سيزيد من إصرارها وتقوية حناجرها في  ترديد عبارات خالدة من قبيل : صامد  صامد، يارفيق لو سال الدم  وهو الشعار الذي  تربى عليه الرفاق بساحات الجامعات بفاس، ووجدة ،ومكناس واكادير ومراكش  ...وفي الوقفات  أمام  البرلمان تحت رحمة سوط الجلادين واستخفاف  وشماتة الظلاميين.

 رؤية  الحكومة للعمل النقابي رجعية عطلت  بها الإصلاحات السياسية التي طالما انتظرتها  القواعد وأرهقت الموظفين والمتدربين والمعطلين وذوي الشواهد العليا التي أبت التنازل عن الشرف والحق ومقتت التبخيس  والمسخ والاستخفاف  وقد ابتلي المغاربة بحكومات  تتقن الخطب وتتفنن في الكلام وتقضي حوائج الناس بالنسيان.