زايد جرو + سعيد وعشى - ارفود / جديد انفو

يصادف  أبناء  قصر" كَصبة بن علي " بأرفود التي تبعد حوالي كيلومترين عن وسط المدينة، وكذلك  ساكنة أهالي المدينة وزوارها خاصة في المناسبات، يصادفون بغير موعد مسبق شخصية " مُونَمِي " المشهور بضحكته العالمية التي لا ينتهي أثرها إلا بعد مرور عامين  كما يقول " ضحكة تْشَدّو بها لاشارج عامين" .. اسمه الحقيقي هو "الصادقي  امسعيدي " وعمره يناهز 60 سنة  من أب  يشتغل في البنّاء على مدار السنة، وأم  بلْدية تطبخ و" تحش " وتطعم البهائم .. أنجبت للأب  ثلاث أخوات هن : الزهرة، عائشة وحليمة، أي أن مُونَمِي  كان  الذكر الوحيد بين الإناث .

مُونَمِي متزوج وله ابنان، واحد عازب والآخر متزوج، وبنتان  أيضا واحدة متزوجة والأخرى ما زالت تنتظر الذي يأتي طالبا راغبا ..  هو شخص متوسط القامة  بلون مائل كثيرا للسمرة، خطواته مسرعة وقصيرة، وحين يتكلم لا تسعفه اللغة، ويصاحب الكلام  بالحركات، وما يظهر من جسده كله يتحرك والمستور منه الله يعلمه، ويصعب للصامتين أو هواة  الصمت أو التوحديين معاشرته .. وجه صغير يناسب قامته، استحوذ  الأنف  على مساحة  كبيرة منه، حين ينفخ في " الغيطة " تنتفخ خداه ويزداد الأنف اتساعا  ومع الشفتين القصيرتين  تتشكل لوحة فنية، مادتها خصبة للمتخصصين في علم السميولوجيا  ... أحببت  في محاولتي الوصفية هذه  إشراك القارئ في حفظ  وإغناء الذاكرة الجماعية لساكنة أرفود  بالحديث عن "مُونَمِي" شأنه شأن حمين ولد لعميش ومولاي علي البرونجي  مول الإركاط  و بّا المحجوب مول القهوة وغيرهم كثير ممن تركوا  وشما  يلوح في السلوك الاجتماعي والنفسي  بالمدينة وضواحيها .. عالمهم  جميعا متفرد ومتميز بخصوصيات  تداخل فيها الجمال والسحر والغرائبي والعجائبي، فسجلوا حضورهم القوي والمكثف في الذاكرة الفردية والجماعية بعد أن أعياهم  انتظار من  سيرد  لهم الاعتبار  ولو  بالاعتراف  لهم جميعا بالتعب و المشي و خدمة كل الناس طواعية .

مُونَمِي  يشتغل أي" شغلانة "  يدور مع " لوّاية " الرياح ومع دوران مياه البالوعات، مرة يحفر " لَمْصَارفْ " ومرة "حصاد " والاسم لا علاقة له بوزير التربية الوطنية الحالي طبعا "فهذا جوايقي فنان متجول" طارتو فوق كتافو"، فضاؤه قلوب الناس ، وذاك وزير"أدّي الدنيا " بلغة أهالي النيل، فضاؤه كان بعمق الأمور الداخلية للبلاد  وأصبح بقدرة قادر مشرفا على وزارة تعلم الحروف وفك شفرة المكتوب، له فضاء بين ألسنة رجال الطبشورة الذين ينتظرون منه تغيير الألواح الخشبية وتحسين الوضعيات لا " تحْسِين " الرؤوس اليانعة أو قطفها بلغة الذين عاشروا الحجاج بن يوسف الثقفي ... مُونَمِي  يشتغل أيضا ب "طالوشيه " يرمم  أو" يلَقّم " الجدران، و يشتغل مرة " سكَاط"  وهو المصطلح الذي لا يعرفه إلا أهل درعة  تافيلالت أو المشتغلين بين حقول النخيل ذات الأكمام أو في واحات الحَب ذي العصف والريحان، ومرة يدور مع الدوران يشحن بطاريته الكلامية بالطاقة الشمسية  بفتح فمه  كما يقول " تنفتح لَبُوش حتى نتشارجا  بالطاقة الشمسية ".

"الطارة" بضربته تقول "خْبز الطاجين رْطَبْ رْطَبْ" والطبل يقول " بغِيت حقي بغيت حقي " والغيطة  عندها " اللسانات بزاف  " مرة تبكي، مرة تعوي... " له منافس واحد بالمنطقة يقول فيه " عندي منافس واحد على ربي يموت باش نشد المرشي بوحدي، هو سِدْ  المختار الجرفي الغياط  "  ويردد العبارة مرارا  وربما مزاحا وتنفيسا كما يعرفه الجميع..

ثروته  أربع" غيطات" و ثلاثة طبول وأربع عصي، ذاك عماده ومصدر رزقه  في الفن" مرة تنغني ومرة تنشطح  شطحة بلدية ..  إيه أمولاي..  حتى تلوي ليا  وَدْنِي عاد نسكت " ولا يقلق عمله أبناءه ولا زوجته التي تشاركه أحيانا في ضرب " الطارة " له، وأخته فنانة أيضا، ذكر العديد من المنعشين وبعض الجماعيين الذين يكرمونه بالعطاء، ويجد راحته حين يستدعيه أحدهم لتنشيط السياح بلغة فرنسية ركيكة مقطعة وممزقة .

له حكايات وأقوال مع "طاشرونات المنطقة" وأترك تتمة الكلام للقراء حتى لا أتهم بالإساءة والسب والقذف ويشن علي المقاولون حملات تطهيرية تمشيطية انتقاما من الجرائد الالكترونية ومن المشتغلين في الحقل الإعلامي كما هو الشأن بالنسبة لزايد هسو عن موقع الريش والنواحي، وسعيد أحبار عن موقع ميدلت أونلاين .. يقول مُونَمِي :

"نسمح ف الصينية والكيسان أو ما نخدمش مع   الحاج ......."

 "نسمح ف صباطي وتقاشري امنخدمش مع با ........."

" نعيش مع السلاوي او نسمح ف دراري اومنخدمش مع ال......"

 "نموت ف الهانا اومنخدمش من جا..."

" انشد الماء ف الليالي اومنخدمش مع جيلالي" .

 "نموت بلعداب اومنخدمش مع حبا... "

"نشرب البيرة أونقلب مجاجي اومنخدمش مع حجا..."

هي حياة  رجال بسطاء ينحتون خبزهم من الصخر ولا تنفع فيها  لا الكتابة ولا القراءة ولا تكفي فيها العفة ولا الفضيلة بل لا تكفي فيها العبقرية او الشيطنة، وقد تنفع فيها  محاولة تعذيب النفس لإرضاء الآخر .. يتحملون   تعب وعبء الحياة لصنع إرث ثقافي جماعي ثقيل، بالمنطقة.

يتحمل "مُونَمِي"  عبء الحياة في سبيل عالم مجهول يعرفه هو.. فلا يمكن الإلمام بشخصيته أو الحكي عنها بالتفصيل ، فكل من يعرفه قد يختزله في جملة أو في  حكمة او عبارة وأحسن مشهد له للذين لا يعرفونه : هي الصورة الحية التي يعيشها القارئ الآن وهو يقرأ المقال ويتصور المشاهد .. أملنا  كبير أن نكون قد  أخلصنا لشخص "مُونَمِي " في الكتابة لرد الاعتبار له ولو بالقليل القليل، وتحية له ولأسرته ولساكنة أرفود .

تفاصيل إضافية عن شخصية "مُونَمِي" وضحكته الكاملة لي "غادي تْشَدّو بها لاشارج عامين" في الفيديو التالي :