حسن كوجوط - الرباط / جديد انفو
جماعة المحاميد الغزلان باقليم زاكورة منطقة جافة توالت عليها سنوات القحط و الجفاف وألحقت بها أضرارا بالغة أثرت بشكل كبير على الساكنة وعلى المنظومة البيئية ككل.
ففي الوقت التي تنتظر فيه الساكنة دوما من وسائل الإعلام إماطة القهر عنها وايصال الرسائل ذات البعد التنموي والاصغاء لمعاناة الساكنة قصد الانخراط في المشروع التنموي المغربي، وانقاذ السياحة التي تداعت وهوت بجائحة كورونا ،وفي الوقت الذي تنتظر فيه الساكنة نقل كل معاناتها الى أصحاب القرار و التعريف بمميزات المنطقة وما تزخر بها من ثقافة و فن و عمران وتاريخ عميق، ورغم كل ما تم ذكره من تقصير وسائل الاعلام وغيابها تقريبا على مر السنة الا لفترات.. بالصدفة والمفاجأة الغريبة حطت قناة الكترونية رحالها بدوار 'الركابي' لتصور فيديو سمته روبورطاجا لرجل مسن يقطن رفقة زوجته في منزل ادعى فيه حرمانه بشكل قصري من الاستفادة من الماء والكهرباء بعلة عدم التوفر على الوثائق الضرورية للاستفادة من الشبكتين.
اللحظة الذي تعمل فيه قبيلة 'الركابي' وبعض جمعيات المجتمع المدني و 'آيت الخير/تمنكاس' على حل مشكلة هذه الاسرة التي هاجرت لأكثر من ثلاثة عقود ورجعت الى مسقط رأسها، تفاجأت الساكنة بانتشار فيديو بين وسائل التواصل الاجتماعي يسيء للساكنة و المنطقة بشكل عام، حيث صورته قناة ' شوف تيفي ' مع صاحب المنزل يعرض شكواه ومعاناته من الضرر الذي لحقه.
المتتبع للفيديو يدرك بشكل جلي اللامهنية في العمل الصحفي حيث اختلط المهني بالتجاري، و اشتغلت القناة على الإشاعة، لخلق الفوضى الفرجة المبنية على التضليل والمس بأعراض الاسر وكرامتهم والتسويق والمتاجرة في العرض وخدش الحياء وهدم قيم التسامح والخلال والخصال التاريخية النبيلة التي تربت عليها الساكنة منذ عصور غابرة لجذب عدد كبير من المتتبعين والمشاهدين من خلال الترويج المغلوط للأخبار الزائفة دون التأكد من صحة الخبر .
فلم تكلف القناة نفسها عناء البحث وتقصي الحقيقة وتبني المصداقية لبناء الخبر من خلال اشراك كل المعنيين بالأمر لأخذ العصا من الوسط لخلق التوازنات في صياغة الخبر، أي غياب قاعدوة التوازن، ولم يتم الاستماع لآراء الاطراف الاخرى من الاسرة ذاتها والتي تؤكد أن المنزل مازال في ملك الورثة ،اضافة إلى أن أحد المسؤولين بالمصلحة التقنية بالجماعة القروية يؤكد من خلال بيان أصدره كرد على هذا الفيديو أنه لم يسبق للمشتكي أن تقدم بطلب معزز بالوثائق اللازمة للاستفادة من خدمات الشبكتين واكتفى فقط بأخذ شروحات حول متطلبات الملف من المصلحة .
القناة مست أعراض الناس بذكر أسماء لأشخاص والتشهير بهم ومست سمعتهم والحقت بهم ضررا معنويا بين الساكنة داخل الوطن وخارجه و أساءت للمؤسسات، باتهامها بتحقير المواطن المشتكي وحرمانه من حق الدستوري ،الامر الذي تنفيه عموم الساكنة وباقي أسرة المشتكي وكذا الشخص الذي ذكر إسمه و صفته في الجماعة مرات عديدة.
الفوضوية في الفيديو تبدو واضحة من خلال رجل يحمل اسم 'ابراهيم' الذي يتقمص عدة أدوار في الفيديو مرة صحفي يحمل في يده مكروفون القناة، ومرة يتحدث باسم المشتكي، ومرة يتحدث كمحامي مدرك للقانون بعصبية وبحماس زائدين فيهما كراهية مكشوفة ضد تقني الجماعة كما جاء في أقواله وتصريحاته.
فتحن لا ندافع عن أحد ولا نهاجم أحد، بل نرى أننا من المفروض أن نوضح للرأي العام حقيقة ما يجري في هذا الموضوع ونصحح بعض الأخطاء الواردة في الفيديو، كما نؤكد ان حق الإنسان في الماء هو حق لا يمكن الاستغناء عنه و لا يستطيع أي كان أن يحرم الآخر من هذا الحق، ولا يوجد أحد في القرية أو الجماعة و القيادة يقف ضد استفادة هذه الاسرة من الماء.
أهل بلدة الركابي وسكان جماعة المحاميد معروفون بالكرم و الجود وحسن الضيافة، دواوير تستقبل الغرباء في منازلهم وتأويهم وتكرمهم بعادات وتقاليد ما تزال سائرة المفعول في هذه القرية، بالعرف تفك النزاعات و الخلافات التي تحدث بين الأفراد و الجماعات، حيث يحلها عقلاء القبيلة دون اللجوء الى القضاء و دون الاحتكام إلى الجهات الرسمية، وهي ميزة احتفظت بها القبيلة والساكنة الى يومنا هذا، لذلك رفض الجميع الطريقة التي صور بها الفيديو المشكل، واستنكروا واحتجوا على الإساءة للساكنة من خلال تسويق صورة سيئة عنها وعن والمنطقة.
في الاخير، نريد أن نذكر الجميع بأن قرية الركابي رغم وجودها في منطقة نائية عانت الكثير من التهميش السياسي والغضب الطبيعي، وهاجر أكثر من نصف سكانها الى المدن، الا أنهم مازالوا يتواصلون بشكل مستمر مع أهاليهم ويساهمون في تنمية مسقط رأسهم، قرية أنجبت رجالا ونساء فيهم حقوقين وجمعويين، وأطر في مختلف المجالات، وفيها عظماء لا يقبلون الظلم و لا الاقصاء، متشبعين بقيم و أخلاق نبيلة ومتشبثين بثقافة أجدادههم السمحة، باستثناء القلة القليلة التي تسعى الى اقبار هذه اللحمة و التماسك بين الاسر بسبب الحزازات الحزبية والاختلافات السياسية..
ساكنة هذه القرية ليست في حاجة الى منابر اعلامية تنقل الرداءة وتشتغل على الأعراض ولا تحتاج لمحامي مزيف من النوع الرديء يدافع عن حق من يعتبر نفسه مهضوم الحقوق، فأهل البلدة مازالوا يحتفظون بقيم و أعراف أجدادهم في حل كل النزاعات فحُلت المشكل بالتراضي بين مكونات الاسرة وتم ربط منزله بالماء الصالح للشرب، بعد مجهودات العقلاء وتدخل أحد أفراد العائلة الذين يرجع لهم الفضل في إيجاد الحل النهائي لهذه القضية الشائكة والمعقدة والتي دامت عدة شهور.