مولود بوفلجة - جديد انفو

 المشهد الأول:الدعاء مفتاح النجاح

استيقظت في وقت أكثر تبكيرا من الوقت الذي اعتادت أن تستيقظ فيه وضعت "براد أتاي بالنعناع" على المائدة و كأس حليب بارد و زيت زيتون  وبيضتين مسلوقتين و صحنا صغيرا بحجم راحة اليد فيه قليل من "العسل الحر" احتفظت به لمثل هذه المناسبة.إنه "فطور باذخ" لابنها الذي سيجتاز اليوم امتحان البكالوريا.أيقظته برفق غير معهود دعته للفطور و صاحبت  تناوله لوجبته بالدعاء له ولكل أبناء المسلمين بالنجاح.دخل الأب و غمغم بالتحية بصوت لا يكاد يسمع ثم قال بغلظته المعهودة: ها حنا غادي نشوفو قرايتك..عنداك النقيل راني ما قاد على مشاكل مع المخزن"

المشهد الثاني:كاد الأستاذ أن يكون رسولا

استفاق اليوم هو الأخر مبكرا أخذ "دوشا" ساخنا لإزالة العرق لأنه كان قد استحم البارحة وزار الحلاق.غسل أسنانه مرات عديدة دون أن يرضيه بياضها لأنها "فايت فيها الفوت" لبس أفضل ما عنده نظر قبل أن يخرج إلى نفسه في المرآة تمنى لنفسه محيا و مظهرا أجمل من هذا الذي أعطاه الله لم يكن مرتاحا تمام الارتياح للبسه لكن "الموجود هو هذا العين بصيرة و اليد قصيرة" نظر إلى الساعة و خرج على عجل إنه  اليوم مكلف بمهمة المراقبة والحراسة.

المشهد الثالث:الأمن أساس الامتحان

هو أيضا غادر فراشه في ساعة مبكرة  بنشاط و حيوية و من غير تذمر، المهمة اليوم مختلفة..ثبت المسدس في مكانه و أخذ الويلكي نظر إلى بذلته بزهو و افتخار كأنه يرتديها لأول مرة لن يحرر اليوم المحاضر المعهودة و لن يتعقب مجرما أو يلاحق بائعا متجولا إنه اليوم مسؤول عن مهمة أمنية سامية أبطالها شباب في مقتبل العمر لم يسبق لهم أن ارتكبوا جرما و لا أن ارتادوا كوميسارية.

المشهد الرابع:الإنسان المناسب في المكان المناسب

مهمته الجديدة ملاحظ الامتحان فرضت عليه أن يخرج بذلة يوم زفافه البراقة من حصنها الحصين، فهو حديث العهد بالزواج و بمهنة التفتيش .أحكم وضع ربطة العنق التي كانت معقودة أصلا لأنه لا يحسن عقدها، بدا كأنه كاظم الساهر في إحدى حفلات التسعينات.

حضر مبكرا إلى المؤسسة وجد رئيس المركز في انتظاره وضعا الباذج و انخرطا في انسجام توأمين حقيقيين في التوقيع و تحرير المحاضر و زيارة القاعات

المشهد الخامس:تغيير التكتيك

وقع الالتزام و تيقن بأن الأمور مختلفة هذه السنة و بأن الحراسة ستكون مشددة ولصيقة و بأن الاعتماد على "المعين في الامتحان(الهاتف)" سيكون ضربا من المخاطرة غير المحسوبة العواقب لذلك غير خطته نسخ الدروس و المطبوعات و أمعن في تصغيرها لتكون عملية ثم بوبها و صنفها حسب المواد و الأيام  و جمع"الحروز تأهبا ليوم الحزة"يوم عهد نفسه على ألا يهان فيه.

المشهد السادس: في فضل التعليم الابتدائي

نام نوما عميقا لا كدر يكدر صفوه غير هذه الحرارة الشديدة التي حلت مع رمضان لاختبار قوة الإيمان و غير بعض لسعات الناموس التي أقلقت مضجعه.

اليوم يوم من أيام الله العادية عنده تأبط محفظته و خرج لقارعة الطريق ينتظر السيارة المشتركة للمعلمين التي انطلقت تطوي الطريق طيا لزرع العلم في القرى و الجبال.أحس و هو يدخل الفصل و التلاميذ الأبرياء يستقبلونه بتحية جماعية "صباح الخير يا أستاذ" بنعمة تدريس أطفال صغار لا تتعدى أعمارهم عشر سنوات أعينهم تشع بالبراءة فلا حراسة  هنا و  لا مراقبة و لا تهديد بالسلاح.

المشهد السابع:المفهوم الجديد للتسامح والتعاون

امرأة أربعينية لكن مظهرها يجعلها أكبر من عمرها الحقيقي بكثير،أنهكتها مهمة التربية المزدوجة للأطفال في البيت و في المدرسة.

 ألقت التحية على التلاميذ جالت بنظراتها في القاعة كأنها تبحث عن شيء مفقود  حاولت أن ترسم ابتسامة على وجهها و لم تسعفها تقاسيمه تجولت بين الصفوف ربتت على كتف تلميذة  تحققت من هوية تلميذ...

-الله اوفقكم خذوا راحتكم انتما بحال وليداتنا او ما بغينا لكم غير النجاح تعاونوا معانا او نتعاونوا معاكم !

عبارة تلقاها التلاميذ بابتهاج انطلقت أساريرهم و انطلقت الوشوشات بينهمو تباشروا بالفرج

المشهد الثامن: الكبيش أو الحويط القصير

طوال مساره الدراسي كان تلميذا خجولا كان محبوبا من أساتذته و من الإدارة لا لأنه مجد بل لأنه "تابع سوق راسو او عاطيهم راحة الله"

دخل يوم الامتحان للقاعة ببرودته المعهودة و هدوئه القاتل ،لا يعرف الخوف و لا الارتباك و لا التحفز إلى قلبه طريقا.دخلت القاعة لجنة من ثلاث بدلات مائلة كلها إلى السواد ،و لأن حظه العاثر وضعه في المقعد الأمامي كشفوا عنه بآلة الكشف عن المعادن فأخرجوا من جيبه هاتفا غبيا غير مشغل و لأن القانون لا يرحم المغفلين و الضعفاء حرروا له محضرا و كتب من  يومها  عندهم غشاشا.

المشهد التاسع:التعبئة المضاعفة

ست سنوات قضتها بالثانوية مرت كأنها لمحة برق.يعرفها الجميع بجدها و نشاطها و حيويتها لم تعد مجرد تلميذة عادية بل هي في منزلة وسطى بين التلميذ و الأستاذ كانت تريد لسنتها هذه أن تكون  منطلقا لمشوار جديد يفتح لها أفاق  البكالوريا التي ستكون بابا لإحدى المدارس كانت أمل عائلتها المتواضعة و أمل أساتذتها و مؤسستها بأكملها.لكن فرحتها أجهضت  قبل المولد و تأخر عداد هاتفها ساعة عن زمن الامتحان لقد أرادت شركة الاتصالات أن تهديها امتحانا بتعبئة مضاعفة امتحانا بدورتين الأولى عادية و الثانية استدراكية.

المشهد العاشر:كل عام و انتم على صمت

رنات هواتف هنا وهناك الكل يحادث الكل من طنجة لكويرة  في أمر التسريب و أمر الساعة و أمور أصبحت لصيقة بكل محطة امتحان

استيقظ سعادة المدير الأعظم و الشمس متربعة في كبد السماء رن هاتفه  مرات عديدة قبل أن يرد بتثاقل

- ألو ياك لاباس ؟

- الامتحان سيدي !

- أشمن امتحان؟

- امتحان البكالوريا وقع فيه مشكل هذه السنة أيضا شي تسريبات قليلة أو هاديك الساعة اللي زدتوا راهم نقصوها قبل من الوقت

 - ياك ماكاين شي فوضى و لا شي احتجاج؟

- لا كلشي ساكت نعام أسي  التلاميذ، والديهم، الأساتذة....

- إوا صافي قضوا الغرض الله ارزق غير الصحة و السلامة و دوم على بلادنا نعمة الاستقرار.

 

( أترك لخيالكم نسج المشاهد الأخرى التي تصاحب الامتحان في وطننا)