مع اقتراب رؤية هلال عيد الاستحقاقات التشريعية المقبلة، سيلاحظ المتتبع لخطابات أمين عام حزب القنديل أن ما يميزها مؤخرا هو إغناء قاموسه اللغوي السياسوي بمصطلح جديد وهو “التحكم”، وإقحام نصائح والدته في تدبير دواليب رئاسة الحكومة، بالإضافة إلى الاستئساد بجلالة الملك، ونستحضر على سبيل المثال ما قاله ببيت الصحافة بطنجة “قالت لي أمي وَاشْ سَوَّلْتِي فْصَاحْبَك أي جلالة الملك” و”أهدى لأمي هدية من الولايات المتحدة الأمريكية” وهل صاحب الجلالة صاحبك؟ بمعنى الصداقة والصُحبَة حسب التقاليد المغربية، أنت مجرد رئيس حكومة لا غير ومكلف بمهمة دستورية والمطلوب منك هو أجرأة مقتضياتها وصلاحياتك على أرض الواقع وليس الاختباء وراء عباءة مصطلح وهمي للتحكم. كذلك بمدينة الجديدة مستطردا في خطابه كأنه في عز أيام الحملة الانتخابية قائلا “المهمة لي كلفني بها جلالة الملك كل يوم …ولا نريد الاصطدام مع المؤسسة الملكية، ومن طلب منك ذلك؟ مردفا “قالها لي صاحب الجلالة مباشرة أن المغرب بلد محسود… الخ”، واستحضارا لنصائح الوليدة دائما وهو يضيف بالقول “كتقولي الوليدة خوك إمضغك وما يبلعك”، لتبرير التقارب الحاصل حاليا بينه وبين أمين حزب الاستقلال الذي وصفه سابقا بأبشع النعوت والصفات واتهمه بعلاقته بداعش، كل ذلك جاء نتيجة تعبيد الطريق أمامه لتمرير نظام التقاعد البئيس.
 
فالتفسير الوحيد لقفشاته وتركيزه على ثالوث التحكم، الوليدة وجلالة الملك، ناتج عن اقتراب فقدانه للصلاحيات والامتيازات ومن أجل إعادة كسب ود وعطف المغاربة ولو بذرف دموع التماسيح، لتحقيق أغراض سياسوية حزبية مقيتة لأن المغاربة يكرهون التحكم ويحبون أمهاتهم و صاحب الجلالة و يجددون العهد له في كل وقت و حين و في سراء الأمور و عسرها، وبذلك فبن كيران يؤسس لامتداد غزو الفكر المغربي بلغة الدين والاستعطاف والتوسل والتسول وكونه ضحية التحكم (يدعي أنه تهاجمه وسائل الإعلام وحزبه يقاطع دعواتها، والفساد واعر ويستغرب لماذا لم يقضي عليه، وهو رفع في وجهه شعار عفا الله عما سلف…إلخ)، للتغطية والهروب عن ما تقتضيه ربط المسؤولية بالمحاسبة والجواب عن سؤال ماذا تحقق في عهد ولايته؟ وكشف حقيقة تسييره الهاوي المرتبط بحب الكرسي والحكم والتحكم ورعاية الفساد والاستبداد. بالمناسبة نود أن نذكر رئيس الحكومة بأن جلالة الملك قد أعلن عن اسم حزبه بصريح العبارة فهو ينتمي لحزب المغرب. وكفى من الحربائية والاستئساد بالمؤسسة الملكية واقحام الأمور الشخصية فيما هو سياسي (الأم، والزوجة والأبناء…).
 
هيستيرية الحفاظ على الكرسي جعلته يوجه رسائل التهديد إلى الدولة من أجل الفوز في الانتخابات التشريعية المقبلة، لمنحه رئاسة الحكومة لولاية ثانية، بعد ما أن أفرزت ديمقراطيته الشكلية التربع من جديد على رئاسة أمانة حزبه للمرة الثانية، مبررا ذلك بمصلحة البلد ومصلحة الدولة الرسمية التي يرأسها الملك، وبلغة تحمل إشارات التهديد: “إما نجاح حقيقي وإلا فالكل سيؤدي نتائجه وعواقبه”. قبل أن يضيف كاتبهم الوطني للشبيبة “لكن لا يمكن أن نُستعمل في الاستقرار ثم نُرمى إلى مزبلة التاريخ”، المسؤول عن الاستقرار هي حنكة المؤسسة الملكية بعد الاستجابة بشكل فوري لنبض الشارع آنذاك بدستور 2011، بل العكس هو الذي يحدث الآن أنتم في طريق إحياء سنوات الرصاص وليس فقط 20 فبراير للركوب عليها من جديد وتجرون البلد إلى عدم الاستقرار (أغرقتم البلد في الديون وبالأزبال الإيطالية والفرنسية، مررتم “اصلاح” صندوق التقاعد على حساب سن وجيوب الموظفين، وظفتم أبنائكم ومريدي حركة “التوحيد والإصلاح” في الأمانة العامة للحكومة، حرمتم الفقراء من دعم صندوق المقاصة، حررتم ورفعتم من أسعار المواد، واقتنيتم فيلات بعدا أن أخرجوكم من الكهوف وتستمتعون بدرعة تافيلالت بالكاطكاطات بدريعة التضاريس، والميرسيديسات تحت طائلة الأناقة والأبهة الوزارية على حساب ميزانية الدولة، زيرو ميكا وبواخر الأزبال تمخر عباب البحر نحو المملكة الشريفة وتريدون تدنيسها بأزبال الطاليان…الخ ). فما تسمونهم بالتحكم قد يكون أرحم منكم.
 
إن المنتخبين هم الذين سيضعون الأحزاب في ميزان العدالة يوم 7 أكتوبر المقبل، أما لغة التهديد والتسول والإستئساد فهي لا تنفع أكثر مما تضر، لأنها تكشف الوجه القبيح للذي اعترف بأنه جاء لتحسين حالته المادية، واستعداده لحرق البلاد من أجل أن يستمر متربعا على كرسي رئاسة الحكومة ليمارس التحكم، وإذا كان المجتمع يتكون من القطيع فمن الطبيعي أن تكون الحكومة من الذئاب الملتحية. إنكم لم تخطئوا عندما أحسستم أن مصيركم بعد 7 أكتوبر هو قعر مزبلة التاريخ وبجوار أزبال الطاليان بأفران الاسمنت المغربية.