لحسن أمقران

استحضارا لحسن الجوار بيننا وبين بلدكم، وتقديرا لتاريخنا المشترك مع الشعب الجزائري، وتعظيما لأواصر الأخوة التي نعتقد أنها تجمعنا بكم، واحتراما لحرائر وأحرار الشعب الجزائري الأبي، سأخاطبكم حريصا على اللباقة والكياسة التي تفتقدون إليها كلما تعلق الأمر بوطني المغرب.

سادتي الكرام، متى تدركون أنكم أخطأتم التقدير في تعاملكم مع مواطنيكم قبل أن تخطئوه مع جيرانكم وخصوصا بلدي المغرب؟؟ لماذا لا تعتبرون من التاريخ ودروسه وتحترموا من أحسن إليكم بالأمس القريب؟؟ لماذا تتعنتون في معاقبة ذويكم وأهليكم وتسيؤون إلى إخوانكم من الجيران؟؟ إلى متى ستظلون جاثمين على صدر بلاد المليون ونصف المليون شهيد؟؟ من أنتم بحق السماء حتى تعدموا أمل الجزائريين وكل المغاربيين في وطن كبير يتجاوز الأقطار وينتصر للوحدة والمصير المشترك؟؟

سادتي الكرام، اسمحوا لي أن ابدأ بأوضاع بلدكم الداخلية، بالله عليكم ماذا قدمتم لهذا الوطن غير الاستنزاف وزرع الفتن؟؟ قبل أن تخوضوا في شؤون غيركم، هلاّ فكرتم في المشاكل الانسانية التي يعيشها المواطن الجزائري المغلوب على أمره، مواطن لا يحصل على المواد الغدائية إلا في طوابير وبشق الأنفس، يعاني الأمرّين مع البطالة وانتشار الفقر والجريمة، يقاسي ظروف لاإنسانية في بلد يعتبر من أهم مصدري البترول والغاز الطبيعي؟؟ اتقوا الله في ذويكم قبل أن توهموا الناس أنكم حريصون على الحقوق والمبادئ.

سادتي الكرام، ألا يؤنبكم الضمير على ما فعلتموه بإخوانكم من الشعب الجزائري الشقيق خلال العشرية الأخيرة من القرن الماضي؟؟ ألا يؤلمكم أن كل البلاد عبر العالم لها قائد إلا بلدكم الذي حيث تطبّع فيه المواطن على غياب قيادة حقة؟؟ ألا يحرجكم وأياديكم لاتزال ملطخة بدماء أشقائكم أن تعودوا إلى عادتكم السيئة في التعطش للدماء واستباحة الأرواح؟؟ تفكّروا وتعقّلوا ولو لمرة يرحمكم الله.

سادتي الكرام، وعلاقة ببلدي المغرب، هل نسيتم ما أسداه لبلدكم وأنتم تحت نار الاستعمار الفرنسي؟؟ هل نسيتم أن بلدي المغرب كان ملجأ لأميركم عبد القادر ومصدرا للزاد والعتاد؟؟ هل نسيتم أن أغلب رموز بلدكم كانوا تلاميذ بالمدرسة المغربية ومن هنا تعلموا أولى دروسهم؟؟ أنسيتم فضل المغرب والمغاربة عليكم وكفرتم بكل شيء فقط لأننا من نستطيع جعل شعبكم ينسى جرائمكم في حقّه؟؟ فضل المغرب عليكم لا يحتاج إلى برهان وأنتم تعلمون ذلك ولكنكم تفضلون الجحود.

سادتي الكرام، لن ينسى التاريخ أنكم طردتم خمسة وسبعين ألفا من إخوانكم المغاربة واستوليتم على بيوتهم وصادرتم أموالهم، لم تراعوا علاقات الدم بيننا ولا قدسية يوم جريمتكم النكراء، تعلمون أننا أشقاء يجمعنا التاريخ والجغرافيا ووحدة التاريخ والمصير، فكيف تسمحون لأنفسكم بتكرار الأخطاء وافتعال أزمة غير محسوبة العواقب واختلاق شعارات وهمية لقضايا وهمية ثم ترعون المغرر بهم في مقابل تناسي شعبكم وأزماتهم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية؟؟ أليس شعبكم أولى بما تنفقون من خزائن الجزائر على جمهورية الوهم الصحراوية؟؟ ألم تسألوا يوما ماذا ربحت بلادكم من زرع هذا الورم الخبيث على حساب آمال الوحدة والتكتل المغاربيين؟؟

سادتي الكرام، حقيقة نتفهّم بعضا من طيشكم الذي عمّر طويلا، لكننا نستغرب من سعاركم هذه الأيام، فقد استرخصتم قدسية بيوت الله لنشر سمومكم وتخدير البسطاء، وشننتم حملات إعلامية مغرضة ضد وحدة المغرب حد الإسهال الإعلامي الحاد، وأطنبتم في الادعاءات والترّهات التي لم يعد أحد يصدقها داخل الجزائر فبالأحرى خارجها، كل ذلك لسبب بسيط، لطالما كان الشعب الجزائري يتحلى بالحكمة تجاه مواقفكم المعادية لبلادنا، وها أنتم توقعون به ضحية لمكركم وخداعكم.

سادتي الكرام، المغرب أقوى مما تتصورون، والمغاربة أذكى مما تعتقدون، أنتم تسعون إلى الاغتناء على حساب الشعب الجزائري ومساعدات من تحتجزونهم في تندوف من المغاربة ضحايا التهجير والاحتجاز باسم تقرير مصير مفترى عليه، تحاولون تصريف أزماتكم الداخلية إلينا وتكيدون كيدكم لأنكم اطلعتم على حقيقة المغرب التاريخي، المغرب دولة متجذرة في التاريخ، وأنتم تعيش حرب ذاكرات متصارعة، تعلمون أن أجزاء كبيرة من تلمسان شمالا وصولا إلى تندوف جنوبا كانت مغربية ترابيا قبل أن تسطو عليها فرنسا راعيكم التاريخي، وأشد ما تخافون أن نطالب بها.