أحزاب المعارضة عالقة في فخ بنكيران وهي غير منتبهة إلى أنها تنزف وتخسر مواقع ونقطا ومكتسبات كثير ومعها تخسر التجربة الديمقراطية الهشة في البلاد الكثير من فرص التقدم، إن لم أقل إنها تتراجع بخطى ثابتة نحو الوراء. ما هي مشكلة المعارضة اليوم؟ .

مشكلة المعارضة أنها أصبحت متخصصة في «البوليميك» مع رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، وأصبح كل تركيزها منصبا على قاموس بنكيران وعفاريته وتماسيحه. لم تعد المعارضة مهتمة باقتراح بدائل وبرامج ومشاريع وقوانين وحلول أخرى لمشاكل البلاد غير تلك التي تقترحها الحكومة.

هل يمكن لأحزاب المعارضة، التي وقفت في وجه خطة الحكومة لإصلاح صندوق المقاصة عن طريق رفع الدعم التدريجي عن المحروقات والكهرباء والماء، ومن ثم زيادة الأعباء على الطبقات الميسورة والمتوسطة، وإلى حد ما الفقيرة... هل تعرفون خطة أخرى بديلة عن تلك التي تقترحها الحكومة في هذا الباب؟ .

هل تعرفون برنامجا بديلا للمعارضة لإصلاح صناديق التقاعد المهددة بالإفلاس غير ما تقترحه الحكومة من زيادة في سن التقاعد إلى 62 ثم 65 سنة، وزيادة نسبة اشتراكات الموظفين في نظام التقاعد وتخفيض المعاشات بعد التقاعد؟

هل تعرفون برنامجا للمعارضة لإصلاح نظام التربية والتكوين، وإنقاذ المدرسة العمومية من الورطة التي سقطت فيها منذ سنوات طويلة، حتى تحول التعليم إلى حجر في حذاء المغرب يمنعه من التقدم إلى الأمام، ومن السير على درب الإصلاح؟

بلا شك هناك حلول كثيرة للمشاكل الكبيرة التي تطوق خصر المملكة، غير تلك التي تقترحها الحكومة الحالية، والتي تأخذ من تعليمات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي دستورها الحقيقي، لكن المعارضة مشغولة، من رأسها إلى أخمص قدميها، بالمعارك الوهمية مع بنكيران بل أكثر من هذا تحاول هذه المعارضة أن تبحث عن أرض نزال إيديولوجية معه من مثل الصراع حول تعدد الزوجات والمساواة في الإرث بين الرجل والمرأة ومنظومة قيم المجتمع.

هذا النوع من الصراع لا يخدم صورة المعارضة لدى الرأي العام، لأنه مهما اختلف مع هذه الحكومة فإنه لن ينظر غدا لأحزاب المعارضة كبديل عن الحكومة الحالية...

مهما أمعنت أحزاب المعارضة في سب الحكومة فهذا لا يشكل بديلا. في نهاية المطاف، سيجد الناخبون «الأكثر وعيا»، والذين يصوتون سياسيا وليس مقابل المال أو الولاء للقبيلة أو خوفا من السلطة.. سيجد الناخبون «الكبار»، في المدن خاصة، أنهم أمام برنامج واحد يتمثل في ما يقترحه عليهم بنكيران، أما البقية فإنها أحزاب متخصصة في سب ولعن بنكيران، وحتى وإن اتفق جزء من الرأي العام مع انتقادات هذه المعارضة للحكومة، فهذا أمر غير كاف لدفعهم إلى التصويت لصالح هذه الأحزاب، اللهم إذا كانت بعض أحزاب هذه المعارضة مكلفة بمهمة واحدة ووحيدة، هي «إزعاج» بنكيران، أما ترتيب أوراق الانتخابات القادمة فهو مهمة موكلة إلى جهات أخرى. هذا كلام آخر.

لا توجد طائرة تطير بجناح واحد، ولا توجد في كل الدنيا حكومة قوية وأمامها معارضة ضعيفة. إذا ضعفت المعارضة تضعف حتى الحكومة وتترهل، وتزيد نسبة الدهون في جسمها، لأنها لا تستطيع الجري بسرعة وهمة في مضمار فارغ وبدون منافسة...