إحتفاء برأس السنة الأمازيغية الجديدة، والذي يصادف أيام 12/13/14/ يناير من السنة الميلادية… وتعريفا بالعادات والطقوس التي تمارس خلال هذه الأيام المخصصة للاحتفال بحلول السنة الجديدة ، نستغل الفرصة من خلال هذا المقال للحديث عن عادات إحتفال قبائل أمازيغية في الجنوب الشرقي للمغرب بهذه المناسبة الغالية والمعروفة أساسا في أوساطهم بالسنة الفلاحية لأنها فعلا مرتبطة في أصلها التاريخي بثورة فلاحية يرجع تاريخها إلى 950 سنة قبل الميلاد. فكيف تحتفل قبائل أيت عطا بالسنة الأمازيغية الجديدة ؟.


“سبع خضار ” أو “ايض سكاس ” هو الاسم الذي تطلقه قبائل أيت عطا بصفة عامة على اليوم الذي تحتفل فيها بالعام الفلاحي الجديد، حيث أن ليلة رأس السنة “ايض سكاس” ليلة كباقي الليالي لكن لها طابع خاص ومتميز، وان هذا الاسم الذي يطلقونه على رأس السنة الجديدة غني عن كل تعبير وهو يدل أساسا على ما يفعله السكان للاحتفال بالعام الجديد .”سبع خضار” بمعنى سبعة أنواع من منتوجات الحقل ، ومن جنس الذكور من حيث التسمية فنجد حسب الروايات الشفوية : ” إغس _ إرد _ أباو _ أكور _ ألوز _ لعدس _ خيزو ” وهي على التوالي : عظم التمر _القمح_ الفول _التين_ اللوز_العدس _ ثم الجزر . فتجمع المرأة العطاوية هذه المواد السبعة كلها مساء ليلة الاحتفال وتحضر بها وجبة العشاء، وقبل تناول هذه الوجبة يجتمع أفراد الأسرة والعائلة في مكان واحد رجالا ونساء وأطفالا يتبادلون الحديث، فيروي ويقص الكبار روايات وقصص أو تجارب مرت بهم من اجل الاستفادة، أو يمارسون لعب ومسابقات كحل الألغاز او ما يسمى ب”تمزرا” ولعبة ” خوط ” أو ” واز تيوي” بمعنى لعبة العدد الفردي او الزوجي ، هذه الأخيرة التي تتم غالبا بين فردين بالتناوب بحيث يأخذ الأول كمية من اللوز ( من نصيبه لأن اللوز في السابق لا يقدم في صحون مثل ما هو موجود في الحاضر بل يقسم على جميع أفراد الأسرة لكل واحد نصيبه ) ويخفيها في يده ويسأل الأخر عن العدد الموجود في اليد ، فان وجده فهو له وان لم يجده فيعطي من نصيبه نفس العدد أو ضعفه حسب الاتفاق ، ولهذا نجد أن العدد إما أن يكون فرديا أو زوجيا . فإذا قال “واز waz ” بتفخيم الزاي ، بمعنى فردي أما إذا قال ” تيوي tyuy ” بمعنى زوجي ودائما حسب العدد الموجود في يد الخصم. ونجد أن هذه اللعبة تهدف أساسا إلى خلق نوع من روح المنافسة بين الأفراد وهكذا إلى أن يحضر الكسكس فيلتفون حول “تزلافت tazlaft ” من اجل التمتع بوجبة رأس السنة حيث تكون لعبة هذه الليلة وهي عملية البحث عن “إغس” الذي يعتبر رمزا للبركة وكمعيار لتحمل المسؤولية داخل الأسرة كيف ذلك ؟.


إن من عثر على “إغس” وسط الأكل فهو الذي سيتكلف بمفتاح خزينة المنزل بمعنى يتحمل المسؤولية لتدبير شؤون المنزل أي هو الذي سيصبح المسؤول عن الخزين ، وتجدر الإشارة إلى أن هذه اللعبة تسقط عن الأطفال بمعنى يمارسها فقط البالغين في الأسرة أو العائلة . ويلاحظ أن هذه العملية لها دلالات كثيرة من أبرزها أنهم يعتبرون هذا الاحتفال بمثابة اجتماع سنوي أو جمع عام للأسرة يتعين فيه المسؤول عنهم ومدة انعقاد هذا الجمع بطبيعة الحال سنة كاملة ، كما نجد أيضا إعطاء قيمة لمنتوجاتهم وبالتالي يخلق لديهم دافعا لبدل جهود في السنة المقبلة من أجل غرس وتنويع الخضر والاهتمام بها ، كما انه يتم خلق روح المسؤولية عند الشخص المنتخب حسب الحظ والذي يتكلف بتسيير شؤون المنزل بحيث يولونه اهتماما كبيرا من أجل أن يشكر من طرف الآخرين في رأس السنة القادمة والذي يمكن ان يعتبر أخر يوم لمسؤوليته أو يستمر إن حصل على ” إغس ” من جديد .


وختاما، نقول لجميع المغاربة والمغاربيين سنة سعيدة وكل عام وانتم بالف خير ومزيدا من العطاء والعمل نحو التقدم المنشود، لكن مع ضرورة التمسك بذكريات الماضي والعمل على نقلها الى الابناء ولو عبر احياء المناسبات والحفلات. دون ان ننسى ان الذي لا يتذكر تاريخه فلا يمكن له ان يبني تاريخا جديدا وبالتالي سيقع في نقل وتقليد تاريخ الاخرين ليصبح مزيفا و غريبا عن ذاته وعن واقعه وبالتالي فالامر هنا مرتبط بحفظ الذاكرة و التاريخ لصون المجتمع وثقافته…” اسكاس اماينو، اسكاس احلان د يوسان” .