التنوع الاثني في كل بلد أمارة نبوغ و ذكاء ، و شاء الله للمغرب منذ فجر التاريخ أن يكون بلادا متعددة الأعراق : أمازيغ و عرب و أندلسيون و صحراويون و من أصول أفريقية...هذا الغنى كان مصدر الثراء الثقافي و الحضاري للمملكة ، لا سيما و أن هذا الشعب بكل أطيافه تعايش و تمازج بشكل مذهل عجيب ...


تطفو أحيانا أحداث و قضايا تنبه النخبة الى دورها الريادي في الحفاظ على اللحمة و التماسك التاريخي للشعب بعيدا عن لغة الخشب و الأحكام الجاهزة ، وفي هذا الاطار تطرح اليوم مسألتان : الأمازيغية و الدارجة ، و بدون الخوض في معمعة هذا النقاش و دواعيه و خلفياته الظاهرة و المستترة ... أشير أن الأمازيغية ليست شأنا خاصا بالناطقين بها وحدهم بل هي شأن عام يخص كل المغاربة، و نفس الشيء يقال عن العامية ، هما لغتان يتواصل بهما الشعب و يتفاهم ، و يجب أن يكون الجميع غيورا عليهما باعتبارهما ارثا تاريخيا و حضاريا للشعب كله ... ان المغربي تعني انسانا امتزجت في عروقه دماء خمس اثنيات، فالعربي الذي قدم من الجزيرة أو غيرها لم يعد اليوم مثل عرب المشرق لا في سحنته و لكنته و عاداته و مسلكياته، كما أن الأمازيغي لم يبق نفس الشخص الذي كان قبل اختلاط الأجناس و العرقيات و قس على ذلك الأندلسي و الصحراوي و المنحدر من أصول افريقية...


صحيح هناك غبن و ظلم لحق بعض مكونات المجتمع و هو حيف ذو طابع ثقافي أساسا، يجب أن تحل اشكالياته بالحوار و الهدوء و تجنب ثقافة الكراهية التي يسعى بعض المتطرفين من هذه الجهة أو تلك لصب الزيت عليها، ليس حبا في الأمازيغية أو العربية بل لأجندات شخصية انتهازية، في مغرب اليوم أدرك البعض أن تحقيق بعض المآرب لا يتأتى سوى بالركوب الشخصي على قضايا "عامة "، فهرول البعض الى استثمار جزء من الاشكالات المجتمعية في البورصة ...
منذ أسابيع شرعت ابنتي الصغيرة تكتب كلمات و جمل بالأمازيغية، و كم كانت فرحة الأسرة بهذا الانجازعظيمة، لم نفرح كأسرة من أصول عربية بأي شيء كغبطتنا حين صار خط تيفناغ جزء من ثقافتنا المغربية و أتيح معه لابنتنا استكتمال هويتها المغربية، فالأمازيغية قسط هام من هويتنا الوطنية، تماما كما هي العربية، ان المغربي - شئنا أم أبينا - تعني الأمازيغي العربي و العربي الأمازيغي في تجانس و انسجام و توافق، و يبقى أن نترك للمختصين في الشأن التربوي التفكير في أنجع السبل للطفل المغربي و لوحدة البلاد و تماسكها الجواب على الأسئلة الحارقة لتعددنا الاثني و الثقافي في جو هاديء بعيدا عن كل ما من شأنه، فكفانا ما عشناه من أحداث مؤلمة مغلوطة في أكادير و جهات أخرى من المملكة .

المختار العيرج : كاتب ومدير زلمو زيز
ونقدم لقراء جديد أنفو فيديو للشاعر و الزجال المغربي قادر صالح في الموضوع :