أثار ملف متابعة الدراسة الجامعية بالنسبة للموظفين ردود أفعال كبيرة على الساحة الإعلامية، جعلت وزير التعليم ورئيس الحكومة يستشعران الارتباك الحاصل في الملف والمبررات المتناقضة سواء في الوقت الراهن أو مع المقترحات التي سبق تبنيها، فتارة يتم الحديث عن مصلحة المتعلم وتارة عن الغياب وتارة عن كثرة الطلبات، وتارة عن الإشكال القانوني وهكذا إلى أن تم استنفاذ كل ما يمكن حشوه، علما أن كثرة الأعذار تدل على الارتباك والتخبط وغياب رؤية واضحة لتدبير الملف، ناهيك عن محاولة تشتيت المسؤولية بين كل من وزير التربية الوطنية ووزير التعليم العالي ورئيس الحكومة وظل قرار المنع شفويا بين الثلاثي المذكور إلى أن طلع علينا وزير التعليم العالي بمراسلة إقصائية بامتياز بتاريخ 17 أكتوبر2014 تحت عدد 1428/01 بشأن إعادة تسجيل الموظفين لمتابعة دراستهم الجامعية، والتي تحمل في طياتها مجموعة من الأمور لابد من توضيحها وعدم الصمت عنها:

1. عنوان المراسلة يحمل تغليطا كبيرا للرأي العام، فالمقصود هم الأساتذة أما باقي القطاعات لم يطرح لديهم هذا الإشكال لأنهم حصلوا على تراخيص سواء لمن سبق وأن تسجل أو للجدد منهم فلا داعي للمغالطة إذن ويجب ذكر الأشياء بمسمياتها الحقيقية.

2. السيد الوزير ردد مرارا بقبة البرلمان أنه سيترك الحرية للجامعات لأنها تتمتع باستقلاليتها، والمراسلة في حد ذاتها توضح أن الإملاءات والتعليمات في هذا الصدد تكون من الوزارة، نسي أنه لما منع الموظفين في 2012 من ولوج سلك الماستر لم تكن لها الاستقلالية  حينها فسبحان مبدل الاحوال.

3. أن المراسلة تسمح للجدد بإعادة التسجيل وتقصي بشكل واضح تسجيلات الجدد لتخصيصها فقط الفئة الأولى.

4. السيد الوزير تحدث مرارا أيضا عن النصوص التشريعية المؤطرة لهذا الحق والإجراءات المصاحبة له، في حين أنه نسي أن مسألة السماح للموظفين الجدد(يعني الأساتذة) ليس لها اي سند قانوني ، اللهم اجتهاده الشخص وتكريس مبدأ الاستعلاء لمن سيأتون بعده، وإن كان السند القانوني فليمدنا به.

5. أن السيد الوزير سبق له وان منع الموظفين من التسجيل بالماستر، ايضا دون اي سند قانوني، وذلك بتاريخ 12 أبريل 2012 مباشرة بعد توليه المسؤولية مما يجعل ذلك قرينة في الإصرار على هذا المنع.

6. أن السيد الوزير (بلسان السيد بوليف) ظل(أيام زمان) يطالب بالبرلمان بالإسراع بمنح التراخيص للأساتذة، وهو ما جعل هذه الفئة تعيش الوهم في هذا المجال، حتى صدمت بالحقيقة.

7. أن البعض أصيب بعمى التبعية فصور مراسلة الداودي على أنها إنجاز كبير وتاريخي، وأنه حل مشكلة تسجيل الموظفين وكأن إعادة التسجيل لم تتم إلا في عهده ،في حين أن المراسلة الكارثة تمنع التسجيلات الجديدة، والغريب في هذا العمى أن يتلون يمينا ويسارا فلما منع الجميع طبلوا وبرروا ولما سمح للبعض زادوا في التطيبل، تحت شعار ويستمر التطبيل، في حين أن الداودي لو كان من غير بني جلدتنا لقيل فيه الكثير ...اللهم جنبنا العمى التبعية السلبية، وارزقنا الرأي السديد...

8. إن السيد الداودي بقراراته الارتجالية في هذا الصدد والتي استمرت منذ توليه المنصب، أفرزت وبشكل ملحوظ استياء عميقا، ليس عند خصومه السابقين، لكن عند من وضعوا فيه الثقة واستبشروا بمجيئه خيرا، قبل أن يصدموا أولا ويندموا على تلك الثقة ثانيا، والتي عبر أكثرهم بعدم تكرارها...مكتفين بترديد قول الشاعر:

" وظلـم ذوي القربـى أشــدُّ مضـاضـة       على المرء من وقع الحسام المهند"