على عكس القصف الإعلامي المغرض والذي كثيرا ما طبل لشرذمة من النساء لا يخجلن من رفع عقيرتهن أمام البرلمان احتجاجا ضد السيد رئيس الحكومة الأستاذ عبد الإله بنكيران لمجرد ما نادى به من ضرورة احترام واعتبار مكانة المرأة في بيتها وأهمية نضالها الأسري اليومي نضالها في الحياة المهنية الاختيارية والاضطرارية على السواء،في محاولة يائسة لإظهار السيد رئيس الحكومة بأنه عدو المرأة اللدود ورجل متحفي محافظ عفا عنه وعن خدماته الرجعية الزمان،ومن حقهن لولا أنهن لم يتناسين أن احتجاجهن مجرد صرخات في وجوههن ولا يبتكن به إلا أذانهن ما دام السيد بنكيران قد أزال من قاموسه السياسي شيء إسمه « الاحتجاج أمام البرلمان »،ليوسع بذلك على نفسه وعلى حكومته مساحة الحركة والإسعاف لتشمل كل التراب الوطني الفسيح والعريض وخاصة فئات ومناطق المغرب العميق أو »غير النافع » وهي المتضررة أكثر؟؟.

نعم، ما رأيت أحب إلى النساء ولا مرحبا به عندهن ولا مفيدا و مقنعا لهن ولا معبئا لجيوشهن وحماستهن أكثر من السيد بنكيران وإليكم بعض المشاهدات على ذلك:1- فاليوم ذهبت إلى البريد (la poste) لقضاء غرض بريدي فلم أتمكن من ذلك رغم طول الانتظار،والسبب أني وجدت البريد مكتظا بل محتلا ومهجوما عليه من طرف جيوش النساء القرويات يعملن على تحصيل منح أولادهن المسجلين في البرنامج المدرسي »تيسير »؟؟. خرجت من البريد وذهبت إلى الخزينة العامة للمملكة و وجدت فيها نفس الازدحام في سبعة أدوار لنساء مسنات ينتظرن صرف زيادات معاشاتهن التي أنصفت وجادت بها عليهن الحكومة؟؟. اليوم أيضا عدت من العمل ومررت أمام الدائرة الأمنية للشرطة وأمام الوكالة البريدية أيضا وكأن كل نساء القصور والمداشر في بلدتنا الواحية التليدة قد خرجن عن بكرة أبيهن كالبطاريق في هرج ومرج وفرح وسرور رغم ما التففن به من سواد اللباس(تاحرويت) وتوشحن وتوشمن به من قساوة العيش و »تمارة »الزمان؟؟. ماذا هناك… ماذا هناك، النساء في الدائرة الأمنية يردن ولأول مرة في حياتهن إنجاز البطاقة الوطنية،ومن تصالحن مع الوطن وأنجزنها فهن في الوكالة البريدية يردن فتح حسابات على بياض استعدادا لما وعد به السيد رئيس الحكومة من دعم الأرامل والمطلقات؟؟.ونفس المشاهد وجدتها في المستشفى لم أجد دوري رغم احتياطات التبكير و »تكرفيسات » الانتظار،فنساء « الرميد » قد سيطرن على كل شيء وملأن كل المواعيد وشغلن كل الأطباء والطبيبات؟؟. ومع الأسف لم نرى في إعلامنا التائه المسكين أية لقطة في هذه الفضاءات النسائية الاجتماعية الساخنة،رغم ما يدعيه مع الأسف من أنه إنما يعكس الواقع،فحق للسيد بنكيران أن يعرض عليه وأن يوصي إخوانه بعدم الإدمان عليه والانخداع به حتى لا يفوتهم الاستمتاع الحقيقي بشاشة الواقع،واقع المغرب الحقيقي وما ينجز فيه من الملاحم الإصلاحية على بدايتها؟؟.

بالأمس أيضا فجر الإعلام قضية « شمكارة » البيضاء وكاد فيها المكائد للسيدة الوزيرة الوحيدة في الحكومة آنذاك رغم براءتها واشتغالها العميق حتى قبل الاستوزار على حالات الفقر والهشاشة والتفكك والتشغيل والتسول وغيرها من الوضعيات الصعبة لأهل البيضاء وهي تعد بالآلاف وقد كانت وما زالت حتى في عهد كل الوزارات السابقة،ولم يأتيها التحامل الإعلامي المغرض بأي حل من الحلول العملية غير الثرثرة والتشهير الفارغ؟؟. كيف لا ونفس الإعلام المفلس يصمت اليوم صمتا رهيبا عن السيد بنكيران وهو يمرح ويفرح مع أيتام المغرب من الأطفال في فضاءات أبوية رحيمة ورحبة واعدة،وبمواقف إنصافية جريئة وغير مسبوقة،ديدنه في ذلك « حق السائل والمحروم »،وديدنه  » كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم »،فحرر أعناق الأمة بكفالة حوالي 350 ألف أرملة محتاجة بأبنائهن،إنها ملحمة حكومية اجتماعية وطنية لا يدرك عمقها إلا مثل الجمعيات التربوية الاجتماعية ومنها جمعيتنا المشتغلة في مجال كفالة ورعاية اليتيم،بما كانت تجده من المعاناة الجسيمة في هذا الصدد لعل أقساها ما يجعل أيتام المغرب المساكين في مأدبة « العون والإغاثة » للأشقاء الخليجيين وغيرهم من المنظمات الإنسانية الدولية أعطت أو منعت، ما يزيد الأيتام إلى يتمهم الأسري يتمهم الوطني وهو الأفظع؟؟.كما أن قرار الحكومة كان على الدوام مطلب جمعيات الكفالة والرعاية وأخص بالذكر كفالة اليتيم في إطار أسرته وليس كفرد فحسب،وكفالة اليتيم كفالة شمولية وليس في المطعم والمشرب واللباس فحسب،بل أيضا في المسكن والدراسة والتكوين والتأهيل وبشكل قانوني عام يمكن تسميته « حق مكفولي الأمة »؟؟. لقد كان شعار الجمعيات تعبديا: »أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة » وكان وطنيا: »أكفل يتيما تصنع عظيما » وحققت في ذلك نتائج باهرة على قدر المستطاع،واليوم يأتي قرار الحكومة ليدعم الجهود المدنية والرسمية في المجال وليؤكد بالملموس أهمية القرار السياسي ومصداقيته عندما يكون جريئا عادلا ومنصفا وخيره على الجميع،فشكر الله للسيد رئيس الحكومة وشكر الله للجميع؟؟.

فقط نهمس مع الهامسين في أذن السيد رئيس الحكومة و هو يسعى جاهدا لمعالجة الاختلالات السياسية والاجتماعية في البلاد،أن الإشكال أعمق من هذا وأن الإسعاف قد يوقف النزيف ولكن لن يستأصل الداء من منابعه.ولهذا كما يقال: »لا تعطيني سمكة ولكن علمني كيف أصطاد »، ويبقى الحل في التشغيل،في إنتاج الثروة،في العدل والانصاف في توزيعها،في التكوين وتعبئة الناس لمساعدة أنفسهم والبحث عن حل مشاكلهم بدل الاتكالية والانتظارية والسخط المجاني؟؟.وهي ولا شك أمور أنتم واعون بها كما تدل على ذلك رؤيتكم السياسية التي ترى الريع حتى في أجرتكم وأجر الوزراء،وعازمون على إنجازها كما تدل على ذلك برامجكم الاجتماعية خاصة في عالم الأرياف والجبال، ولكن حتى يتحقق ذلك فعلا من حيث المعنى والمبنى لابد من الانتباه إلى العديد من العراقيل والتي تصل خطورتها حد إفراغ كل المبادرات الجبارة من محتواها السياسي والاجتماعي والنضالي حتى،ومن ذلك كما يقال بل كما هو معاش إسناد تنفيذ هذه المشاريع الضخمة إلى الفاسدين والفاسدات من الأجهزة والمؤسسات والأشخاص المعروفون بالفساد والابتزاز،فلا يمنحون شهادة الفقر والاحتياج وبطاقة الأرملة واليتيم إلا بالرشوة والوساطة وبلا شك لمن لا يستحق على حساب من يستحق،وهذه معركة أخرى لابد من إصلاح الفساد الإداري وجعله أولوية الأولويات؟؟. أنا لا أريد أن أدخل في مصادر التمويل التي سوف تمكن من توسيع المشروع وضمان ديمومته والرفع من قيمته ومن ذلك خزينة الدولة و ضرائبها طبعا والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية ومن ذلك على الأخص..و بالأخص..إحياء صندوق الوقف والزكاة وعصرنتهما وفتح باب المشاركة التطوعية أمام المحسنين وغيرهم من المواطنين،وباب الاستثمارات لتنمية المشروع ؟؟. ولكن أريد فقط أن أنبه إلى أن حالات الفقر وفئات الهشاشة في بلادنا أكثر من أن تعد وتحصى ولذلك فنحن لسنا في حاجة إلى بطاقة اليتيم والأرملة فحسب،ولكن أيضا إلى بطاقة المسن المهمل والمعاق المحتاج وطفل الشارع المشرد والقروي والحضري المعدوم والطالب الباحث والشاب العاطل والعاهرة المكرهة والموظف المثقل بالمصاريف الغارق في الديون يسأل الناس إلحافا دون جدوى لتمتص البنوك كل شهر دمه وكرامته قبل ما تبقى من أجره وحوالته،والموظف الذي أشرف على التقاعد ولا زال عانسا مكتريا لم ينجز في حياته شيئا غير الأزمات والنكبات…،وكلها فئات تحتاج إلى الدعم والمساعدة أو على الأصح ما يحفظ كرامتها وماء وجهها وحقوقها،دراويشك يا سيدي كثر كثر،نساء معوزات وأطفال أيتام، كهول مهملون وشباب مغلوبون،هم من آبائنا وأمهاتنا المتشفيات وأبنائنا وبناتنا المتعثرات وأعمامنا وأخوالنا وأصدقاؤنا ومواطنونا ذوي الحاجات،لا يملكون عملا ولا أملا ولا حتى »عشا ليلة » وبهم ترزق العباد وترحم البلاد ولابد من إنصافهم، واجب عليك سيدي وحق لهم، لابد منك وبك ومعك أن ينالوه،وعندها وعندها فقط نتيقن أن المغرب قد تغير فعلا وبالملموس ولصالح الوطن والمواطن والأمن والاستقرار فيتذوق المتذوقون ما طالما تحدثوا عنه وصدقوا به وتحمسوا للدعوة إليه دون أن يروا له طعما وحجما أو يعرفوا له شكلا و لونا وهو النبوغ و الاستثناء المغربي الخالد؟؟.