جديد انفو - متابعة
 
في 21 دجنبر من كل سنة تحل ذكرى رحيل الفنان التشكيلي موحند السعيدي الذي سخر ريشته لخدمة الأمازيغية.

و بهذه المناسبة وجب رد و لو القليل من الجميل لهذا الفنان الإنسان بالتعريف به و بأعماله و ما قدمه للأمازيغية.
 
حياة قصيرة، إلا أنها بصمت تاريخ الحركة الأمازيغية بريشة من ذهب، امتزج فيها جد المدرس وإبداع الكاريكاتريست والتزام المناضل بالقضية الأمازيغية، عاش وتحمل معاناة المرض إلى أن وافته المنية وهو يهتف بها، شعاره حرف” الزاي” الذي تفنن في رسمه من كل الزوايا، متخذا من العلم الأمازيغي برنوصه المفضل حتى وهو في نعشه إلى قبره الأبدي.
 
المولد:
 
ولد محند أمزيان السعيدي في 28 أبريل 1964 بمدينة ميدلت من أسرة منحدرة من بني تيدجيت، والده موحا أوعلي السعيدي المزداد بقصر أيت يعقوب مقاوم اعتقلته سلطات الحماية في 21 يونيو 1954 وقضى بسجن سيدي اسعيد بمكناس سنة ونصف حبسا نافذة، وتوفي عام 1976، ومحند أمزيان لايزال طفلا في الثانية عشرة سنة من عمره. اهتمت الدته عيشا ن حماد بوهو المزدادة بقصر أزار ببني تيدجيت، بتربية أبنائها، سيما محند أمزيان بشكل تعلق بها أكثر إلى أن وافته المنية وهو يهتف باسمها”ما”.
 
الحياة الدراسية والمهنية:
 
درس محند أمزيان السعيدي بمدرسة المسيرة بميدلت وتابع تعليمه بإعدادية العياشي بنفس المدينة، ثم انتقل إلى ثانوية مولاي اسماعيل بمكناس عام 1984، وفي عام 1990 تخرج أستاذا للفنون التشكيلية بمدينة بوعرفة بإقليم فكيك، وفي عام 1997 انتقل إلى ثانوية مولاي رشيد بالراشيدية. ومنذ الموسم الدراسي 2010-2011، عاد إلى مسقط رأسه ميدلت، حيث درس بإعدادية الشهداء، قبل أن يتعرض في الأشهر الأولى لحادثة سير على متن دراجة نارية وأصيب بكسور على مستوى الساقين، أقعدته مايقارب السنتين، ولم يتعافى بعد من هذه الكسور حتى اكتشف أن السرطان قد انتشر في جسمه، وهو المرض الذي لم ينفع معه أي دواء بالرغم من التنقلات المتكررة ما بين مصحات القنيطرة والرباط، إلى أن وافته المنية بميدلت مساء يوم 21 دجنبر 2013.
 
محند أمزيان السعيدي: الفنان، الأستاذ والمناضل الأمازيغي
 
سخر الراحل ريشته للتعبير عن مواقف راديكالية بشأن القضية الأمازيغية، فأغلب لوحاته أو رسوماته الكاريكاتورية تشكل موضوعا متكاملا، من حيث المبدأ والموقف، لذات القضية، فقد نشرت لوحاته في عديد من المنابر الإعلامية، ورقية كانت أو رقمية، لتصاحب مقالات حول هذا الموضوع أو ذاك. كما شكلت معارضا، وطنية ودولية، جمعوية وطلابية، في أورقة أنشطتها ومحطاتها النضالية. والراحل يعد من بين المؤسسين للعمل الجمعوي بالمغرب وللعديد من المواقع الجامعية كموقع إمتغرن، حيث كانت لوحات ورسومات الفنان تواكب مستجدات الحركة الثقافية الأمازيغية، فقد حضر، تنظيميا وبرمجة، معظم إن لم نقل كل، الأنشطة التي نظمها هذا الموقع، حتى بعد ظهور أعراض المرض عليه.
 
امتدت اهتمامات الراحل إلى خارج الأسوار الجامعية، حيث كان منزله مقرا دائما لاجتماعات الفاعلين الأمازيغ، سواء أكانوا طلابا أو جمعويين، ولا يتأخر في تقديم أي دعم، معنوي أومادي، للمدافعين عن الحق الأمازيغي.
 
ومع الأحداث التي شهدتها الجامعة المغربية، والتي نتجت عنها اعتقالات وإصابات بالغة في صفوف الحركة الثقافية الأمازيغية، فقد تنقل بين الكوميساريات والسجون والمستشفيات، سيما بمكناس وإمتغرن لدعم معتقليها والطلبة الذين وقعوا ضحية العنف الذي شهدته هذه الجامعة منذ ربيع عام 2007، وظل مشغول البال، أكثر من المرض الذي كان ينخر جسده يوميا، بالمعتقلين حميد أعطوش ومصطفى أساي، ولعل مقال حميد أعطوش بمناسبة الذكرى الأربعينية لوفاته دليلا واضحا على العلاقة التي استمرت بين الراحل والمعتقلين إلى أن دخل في غيبوبة يوما قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة.
 
اعتنى الراحل بالأيتام والأطفال المتخلى عنهم، ونظم أوراشا وملتقيات لإعادة إدماجهم وتحسيس الفاعلين الجمعويين والإجتماعيين بخطورة التشرد الذي كانت تعيشه هذه الفئة. كما ظل وسيطا فاعلا بين الجمعيات المهتمة بالطفولة والمنظمات الدولية لتقديم الدعم المادي والمعنوي، لأطفال المداشير البعيدة عن المراكز والمؤسسات المدرسية، وساهم في إغناء العديد من الخزانات المدرسية والجمعوية باللوازم المدرسية والكتب والمعلوميات… أما بالنسبة للمرأة، فقد نظم أوراشا وأشرف على مشاريع لتأهيلها وتطوير قدراتها الحرفية.
 
اعتزاز وتشبث الراحل بالقيم الأمازيغية، في حياته الشخصية والمهنية وأخلاقه العالية وصرامته اللامتناهية وقناعاته النضالية بالقضية الأمازيغية وإنتاجاته الفنية المترجمة لوعيه المتقدم بذات القضية، جعلت من الرجل نموذج المناضل الأمازيغي الحر، وعلما من أعلام القضية الأمازيغية وأعماله ذاكرة جماعية لكل ربوع تمازغا.