كأنّ قدرك أيّها المغربي أن تتلقّف الهوان وتبلعه دون أن تنبس ببنت شفة.. أو أن تملأ الدنيا صياحا حتّى تبحّ حبالك الصوتية ثم تنام مهدودا ناسيا, ومتفقّدا صباحا كوارث وفضائح بلون المرارة..

تنام على "حديث الثرّيا" وما أدراك ما "حديث الثرّيا".. يقول السيّد الحاكم بأمر الله إنّ هناك ظلاما يُخيّم على البيوت بعد أن خرجت نساؤها تضرب في مناكب الأرض، معيلة، مساندة، مكافحة، طموحة تقتفي أثر العظيمات لتنفع الأهل والعشيرة والوطن.. ظلامٌ يخيّم على البيوت بعد أن أنارها أديسون ونسي أن ينير معها بعض العقول..

وتستيقظ أيّها المغربي على ياغورت يفضح سوءات من نعوّل عليهم في مدرّجات البرلمان ليأخذوا بأيدي ضعفائنا وبؤسائنا إلى برّ الأمان..

وتنام ثانية على أصداء انفجارات غزة، التي يُسمع صداها في جوف قلبك. فتنكسر شظايا دامية تعلق بأنفاسك حابسة مرور الرّوح، لتغدو في نهاية الليل جثّة بنصف روح..

وتستيقظ صباحا وانهيارات بوركون تدكّ رأسك، وتتابع المأساة منفلتة من سجلّات الفساد، مأساة تُشهد العباد على أنّ أرواح بسطائنا لا تتساوى وأرواح الأسياد.

تلكّأت السّلطات في طلب العون الخارجي، خجلت, لأنه ليس بزلزال، بل انهيارات ثلاثة تطلّبت ليال ثلاث لاكتمال المعادلة.. وبينما لازلنا نحصي ضحايانا، يخرج فقيه من جحر الظّلام، يرثي صلوات الفجر بدل قتلانا.. فتنتحب الأرواح العالقة بالأنقاض شاكية لخالقها ظلم الفقيه.. وتهلّ عليك فاجعة تيشكا تدقّ ذاكرتك بصمت, تماما كصمتنا وصمت دعاتنا الذّي وارى الجثامين إلى يوم الدّين.

فإمّا ابتلاء بفتاوى سوداء رعناء أو صمت مخزٍ يَصِم جباه علمائنا ويُبدّدُ هيبتهم.. وتتذكّر أيها المغربي حريق النّاظور الثائر الذي أبى أن ينطفئ على أيدي حرّاس اللّهب وتدخّل الجارة الصديقة لإخماده.. لتشتعل نيران الخذلان في قلوبنا يا وطني..