حنان الشاد - جديد انفو

 
ونحن على أبواب شهر رمضان، تختلف الإستعدادات لاستقباله بشتى ربوع العالم العربي خاصة والإسلامي عامة. فغالبية الناس منشغلون بالجانب المادي ويتسارعون لشراء المواد الغذائية اللازمة من أجل تحضير مائدة الإفطار، بغض النظر عن القدرة الشرائية واستغلال المنتجين والباعة الفرصة لرفع الأسعار التي تكون غير معقولة في أغلب الأحيان.لكن هناك أمر آخر ومهم بمجتمعاتنا خاصة منها المجتمع المغربي ،ويتعلق الأمر بظاهرة"الترمضينة".
 
 
"الترمضينة" نسبة لشهر رمضان، كظاهرة أو مفهوم أو كما سماها بعض الإختصاصيين "مرض اجتماعي" قد يشخص في حالة نفسية يعاني منها العديد من الناس، خاصة منهم الرجال.فهي مرتبطة بشكل مباشر بردود الفعل العصبية والعدوانية والهستيرية خلال فترة الصيام. والشائع في مجتمعنا المغربي عن الشخص الذي يعاني من هذه الظاهرة أنه "مرمضن"،لأنه صائم لم يدخن بل هناك من لا يدخن و"مرمضن". وهذا يمكن ترجمته بالإدمان، فالشخص المدمن على التدخين بأنواعه او على تعاطي الحكول والشيشة خلال ايام الإفطار يجد صعوبة في التأقلم مع شهر الصيام بالإمتناع عما كان مدمنا عليه لكن هذا لا يعد مبررا لافتعال المشاكل وصب جام غضبه على الغير إلى درجة ارتكاب الجرائم، لأنه حسب اختصاصيين في التغذية وعلم النفس، فإن المرء يستطيع التحكم بأعصابه وبردود فعله خاصة لما يشعر به من إعياء وفتور في القوى لنقص الكلوكوز والاوكسيجين بالدماغ، لذلك نجد أغلبية الشجارات والجرائم التي تحدث في شهر رمضان تكون خلال ساعة أو بضع دقائق من آذان المغرب..لأن الأشخاص "المرمضنين" يقضون النهاربأكمله في النوم حتى اقتراب موعد الإفطار،أي لم يقومو بأي مجهود عضلي أو ذهني يضعف قواهم وبالتالي يحتفظون بكل الجهد ليستعرضوه على الآخرين بحجة"الترمضينة"..وأغلبية الضحايا سجلوا من الشباب والنساء. النساء فعلا خاصة منهم المتزوجات من مدمنين تعانين الأمرين خلال شهر رمضان، فإضافة إلى مسؤولية تحضير مائدة الإفطار فإنه من الضروري أن تختلط معاناتهن بشيء من التعنيف اللفظي والجسدي.
 
وقد عاينت حالات من الشباب الذين يفطرون على"جوان" من الحشيش مباشرة بعد سماع "تخرشيشة" بوق المؤذن وهناك من أفطر لسماع صوت" دراجة نارية " مرت بالشارع الآخر.. كل هذا بحجة الإدمان.. استهتار تام بشرع الله واستهتار بامكانية الافطار العمد الذي يوجب إطعام ستين مسكينا، عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين..
 
فعوض القيام بدراسات شاملة حول هذه الظاهرة من حيث الأسباب قبل النتائج، فإن المختصين في المجالات الاجتماعية والنفسية والذين نجد من بينهم "مرمضنين" ايضا يغضون البصر ويجعلون مهمة محاربة هذه الظاهرة بأيدي الشرطة،إضافة إلى تكريس العقلية الذكورية بامتياز من طرف بعض رجال الدين الذين يركزون اهتمام المجتمع خلال شهر رمضان نحو المرأة ،فويل لفتاة مرت قرب مجموعة شباب وهي تكشف شعرها او لم ترتدي الجلباب او العباءة، حينها سينتقمون منها شر انتقام بحجة الصيام واشاعة الفتنة بين المسلمين" المرمضنين" أصلا، فتصبح الغاية تبرر الوسيلة عرفا سائدا فقط اذا تعلق الأمر بالمرأة..
 
كل هذا مقابل غياب نوادي رياضة او دور شباب او ملاعب قرب تنمي الحس الأخلاقي لدى الشباب وتنقذهم من براثين الشارع و"قلة مايدار"، فكفانا موعضة وحثا على الصلاة وتطبيق الشرع، فالجميع صار يعلم وبشتى الوسائل، ولنلتفت للجانب الإجتماعي والنفسي لشبابنا وإيلاء الأهمية أولا لمحاربة المسببات والوسائل الشاذة لحدوث النتائج السلبية بالمجتمع، وعوض اصدار قوانين جنائية وعقوبات والاحتفال بانشاء مؤسسات سجنية، يجب موازنة التركيبات البشرية اجتماعيا واقتصاديا ونفسيا مع نوع تلك العقوبات، والتي غالبا ما تكون تطبيقية اكثر مما هي زجرية تحد من ظاهرة ارتكاب الجرائم.
 
فنعود من نقطة الإنطلاق لنقول : أن ظاهرة "الترمضينة" هي ظاهرة يشترك فيها كل من شخصية الفرد، وفشل تخطيط الدولة لكل المنظومات التي تعد متكاملة في المضمون قبل الشكل. فالشهر الكريم"رمضان" بريء من" ترمضينتكم".