محسن الأكرمين

صدمة نتيجة التصويت في شأن تنظيم منافسات نهائيات كأس العالم (2026)  لم تخلق أزمة قهر شعبي بالمغرب، بل كان بيان النتيجة متوقع بالتأكيد عبر شحنة تفاؤل وجرعة متساوية من التشاؤم، وهي الحتمية الضاغطة بمنطق القوة المتحكمة في النظام العالمي (أمريكا). فيما حلم استضافة العرس العالمي قد طال أمده من دورة 1994 و1998 و2006 و2010 إلى دورة 2026، وتبخر الحلم الموعود، كيف؟.

للمثل المغربية حمولات دلالية، حين تحدد مستويات رؤية المزايدات الجانبية ( شتاء الصيف، و كذوب الضيف، ونجوم الليالي) هو ذا الفارق الكبير بين من صوت للملف المغربي (65) والملف الأمريكي المشترك(134). هي ذي النوايا الحسنة التي طال أمدها في بناء ملفات طلب الاحتضان منذ 1994 على الورق والماكيت.

لسع المغرب أكثر من مرة ومن نفس الجحر وبنفس المقاييس و الموازين التفضيلية الفاصلة بين الحقيقة والحلم ، لكنه كل مرة يأبى المغرب المعاودة والتحدي الذي لا يستند إلى مقولة (لبس قدك يواتيك) . بيني وبينكم ممكن تشبيه ملف احتضان المغرب لنهائيات كأس العالم 2026 بكذبة جبل سرغينة، كذبة الكنز الموعود الذي ممكن أن يحمله شرف تنظيم نهائيات كأس العالم انفراجا سياسيا، وإقلاعا اقتصاديا، وتكسيرا للمقاطعة...، كذبة صدقها المغاربة بكل أريحية ، وأطلقوا عنان القول الفرح و الصعود إلى الجبل (ملف المغرب قوي ويحظى بالوثوقية السياسية والدعم الدولي)، كذبة صرف عليها من المال العام بسخاء، ولا نعلم حد الميزانية المالية المستهلكة، كذبة ألهتنا لحظات عن الزيادة في الأسعار و صلاة التراويح بخشوع، ونفخت فينا أوداج الكلام بحد ممكن أن ينتصر المغرب على الملف الأمريكي، هيهات هيهات.

بين انزلا قات التصويت والقوة الضاغطة الأمريكية،  نال ملف التحدي المغربي ما يشبه النسخة الثانية من العدوان الثلاثي (أمريكا و كندا والمكسيك) ، نال تخلي من كانت المملكة سندا لهم في محنهم الماضية و الآنية، نال المغرب ظلم ذوي القربى الذي هو أشد مضاضة من الحسام الأمريكي(134 صوت) المهند. إنه حقا الإقرار بالمجال الحيوي لأمريكا والذي  يتحكم حتى في رفع الأيدي في الرياضة، إنها أمريكا التي تشيطن العالم كله فكيف لها ألا تقدر عن كسر ملف نوايا المغرب الحسنة؟، إنها أمريكا التي انسحب وهم ملائكة مكناس إلى السماء العليا في ليلة رمضان خوفا من تكتل قوى (متحدون 2026) على مصالح وقضايا المغرب الكبرى .

لنكن معشر المغاربة واقعيين ولا نركب أحلام السراب الواهية، لتكن الجدية بالعمل ولا نصدق صاحب كنز قرية جبل سرعينة، ولا ملائكة سماء مكناس. فكل الحسابات التحضيرية ترسم بالوضوح  بأن الملف الأمريكي المشترك قوي وهو الفائز بالديمقراطية التصويتية  ولي الأيدي. لكن ممكن أن نستحضر نقط أسئلة للتاريخ غير واقع الحدوث عبر تدوينة مغايرة، لما لم يتم سحب ملف المغرب في آخر لحظات قبيل التصويت النهائي؟، لما لم يكن المغرب أكثر براغماتية في قضاياه الوطنية ويفاوض أمريكا على التنازل عن ملف ترشيحه مقابل دعم قضايا المملكة الكبرى؟،  لما (الفيفا) دفعت بالملف المغربي إلى الأمام بغية الاحتكام إلى عمليات التصويت العلني؟.

هي الأموال العامة التي صرفت على تسويق الملف المغربي غير ما مرة والذي علم  أنه خرج مائلا من الدار ، هي المساءلة التي ممكن تحريكها بقبة البرلمان لتوضيح مسؤوليات الإخفاق المعنوي و سبل تجاوزها ببناء الواقع والمنشات الرياضية والبنية التحتية المتكاملة. و أخيرا نتساءل، هل ستبقى اللجنة المكلفة بتسويق الملف المغربي قائمة و تشرف على إنجاز ما وعدت به العالم؟.

 لا أظن الأمر ممكن الحدث ، فمثلا ملعب مكناس تم تدشينه بمواضع متغيرة منذ 1994 ولم ينجز لحد الساعة، هنا فقط ممكن أن تتدخل ملائكة مكناس في مجالها الحيوي برفع دعاء ساكنة مكناس في شهر الصيام إلى السماء (اللهم أنجز ملعب مكناس، اللهم حرك تنمية مكناس بدءا من الرياضة، اللهم ... ) وما علينا إلا ترديد ( آمين، آمين ...) والنظر علوا إلى ملائكة سماء مكناس، بدل شيطنة كنز الاحتضان الموعود لجبل سرغينة وما جاورهما بقول الإلهاء المحبوك.