محسن الاكرامين

هل الطبقة السياسية بمكناس تحترف السياسة، أم تمارس سياسة الهواة ؟ هل النخب السياسية بمكناس تمارس السياسة أم تجيد الترحال بين حزب وآخر؟ هل الاحتراف السياسي بالمدينة يشكل دعامة نوعية للحكامة أم بات يزكي تلك "الكائنات الانتخابية" ؟

ما مهنتك؟ "فاعل سياسي". هي مهنة لا تظهر في البطاقة الوطنية، ولا تتطلب شهادة عمل من السلطات الترابية، ولا من مصالح الأمن الوطني. لكنها مهنة أصبحت ثابتة، ولنا في عدة أسماء العبرة بمكناس. بينما يبقى الترحال السياسي بين حزب وآخر حديث ساعات قرب الاستحقاقات الانتخابية، ويساهم في تمييع السياسة بالمدينة، و تبخيس تمايزات الأحزاب، ويعري فشل الدعوة إلى ممارسة حق التصويت بكثافة. 

نعم نقف عند تلك" الكائنات الانتخابية" في الصف الأول، والتي تبحث دائما عن امتيازات تبويبها في الصفوف الأولى من اللوائح الانتخابية، تمارس التجوال والترحال بين الأحزاب وبنفس الغايات والأهداف."كائنات انتخابية" تمتلك سلطة القرار في نيل التزكيات (عزل وتخير بين الأحزاب). "كائنات انتخابية" تغدق المال السخي في تدبير الحملات الانتخابية ،ونيل الاستحقاق." كائنات انتخابية" تنتج الوعود الفضفاضة، وتمارس السياسة ونيل بطولة الانتخابات. "كائنات انتخابية" تصنع غالبية التصورات السياسية بالمدينة بالرضا والسخط وتحييد (المغضوب عليهم).

 أما في الصف الثاني فيغلب عليه من يصطفون مع الرمز الانتخابي(الرابح)، أي من يمكن اعتبارهم من صنف (الهواة) ولكنهم ينتظرون الفرصة للاحتراف. هم من يؤثثون اللوائح الانتخابية بحدود (الترشيح النضالي). فيما الصنف الثالث فهم من فئة الأتباع والموالين، والمهرولين طيلة أيام الانتخابات. إنهم (الكومبارس) الوفي (للأعيان وللكائنات الانتخابية ولصنف الهواة)، وهم يلعبون دور الوساطة والانبطاح وتسويق ملمح السياسي المحترف والهاوي على السواء، وهم من يمارسون سوء الملوثات الانتخابية.

من أسوأ التحولات حين افتقدت الأحزاب (السياسي المناضل)، وتم تجاهل (الكفاءة الحزبية). حين تم تغييب السياسي (النقي)، وتم تهميشه من اتخاذ القرارات الكبرى للحزب. قد يكذب الكاذب حين يقول: "أن السياسي متطوع لخدمة الوطن والمواطنين!!! قد نكذب إن أثبت أحد أن محترف السياسة لا يستفيد من ريع السياسة!!!" قد نقول: "أن السياسة باتت مهنة وخبرة بميزة "الكائنات الانتخابية الاحترافية"، قد نصنفها من بين أخطر المهن التي تمارس السفسطة السمجة، وتستند إلى شريعة (المكر بمنتهى الترحال والتموقع)".

نتساءل بغباء: هل السياسة مهنة؟ نعم هي مهنة من لا مهنة له، أو عند من تخلى عن مهنته الأصلية وبات يمارس السياسة (علم الكلام) وتوزيع النفوذ والقوة. لكن لزوما بالحق القانوني، ليست السياسة بوابة للاغتناء وضمان الريع، بل هي خدمة تقوم على قيم أخلاقية ومبادئ رفيعة وتقتضي (تقسيم الموارد في المجتمع عن طريق السلطة والحكامة). حقيقة أننا بمكناس وغيره من المدن لا نميز "بين السياسي الذي يعيش السياسة، والسياسي الذي يعيش من السياسة !!!".

قد ننكر الثراء من السياسة واستغلال النفوذ، قد ننكر تلوث الأيدي السياسية من المال (الحرام) الفاسد بدون أن نعمم القول، قد ننكر تعدد المناصب السياسية ونهم محترفي السياسة في نيل التعويضات السمينة، قد ننكر على المناضل والكفاءة الحزبية أنه بات خارج التغطية السياسية وشاخت أفكاره دون خلف، قد ننكر على الدولة تقاعسها في مأسسة الفعل السياسي باعتبار (النائب البرلماني وغيره من الكائنات الانتخابية) مهنة كاملة بأجر شهري يتناسب والمسؤوليات المرتبطة بذلك.