بقلم حنان الشاد

فوج 2001 ـ 2003 سنتين تكوين بمركز تكوين المعلمات والمعلمين بمنحة شهرية لا تتعدى 500 درهم، أتذكر حينها عند اقتراب عيد الأضحى لم نكن نحصل على المنحة شهرين قبل العيد حتى نتمكن من الحصول عليها في الشهر الثالث مجموعها 1500 درهم ،وااااااو كنت أفرح جدا بمنحتي آنذاك رغم هزالتها وهمي كان التخرج لتحمل المسؤولية وتحقيق حلمي الا وهو التدريس، لحسن حظي كنت اتلقى التكوين والتدريب بنفس المدينة التي أقطن بها وإلا لكنت تجرعت الأمرين كباقي الطلبة والطالبات الذين ولجوا المركز من مناطق مجاورة وأخرى بعيدة، لم تكن المنحة الهزيلة كافية لسد احتياجاتهم ومتطلبات عيشهم من كراء وأكل ولباس، وأتذكر أنه كان الأغلبية منا يتقاسمون المنحة مع أهاليهم كبداية لتحمل المسؤولية ورد الجميل للوالدين ومساعدتهم.

النقطة الممنوحة من طرف الاستاذ المدرب ونقطة الامتحانات النظرية للعامين في معدل يحكم على منطقة التعيين بالاستحقاق سنة التخرج. أتذكر أنني رغم حصولي على ترتيب جيد ضحيت بتعييني في مؤسسة جيدة في سبيل الصداقة التي كانت تجمعني بإحدى صديقاتي التي تشاركنا خلال سنتي التكوين الحلوة والمرة،لنتعين معا في نفس المؤسسة حتى ولو كان ترتيبها سيئا.

زاولنا المهنة بكل تفان واخلاص ومردودية رغم الظروف القاسية، رغم التقشف الذي مرت به أسرنا من أجل سد حاجياتنا قبل استلامنا للأجرة أو الاعتراف بنا كموظفين وموظفات بوزارة التربية الوطنية،امتحان الكفاءة كان الفاصل والحاكم، أي أن سنتين من التكوين والتدريب كانت ربما ستضرب في الصفر.لكن مع دبلوم من الدولة في كل الاحوال يخول العمل بالمدارس الخصوصية التي كانت نادرة آنذاك أو بالأحرى في بداية انتشارها.

كان التعب والمعاناة ينصهران آخر النهار في وعاء السعادة الذي كنا كزميلات في الفيافي نجتمع ،،بعد التحضير للدروس وكتابة الجدادات على طاولة صغيرة تتوسطها الشموع، حيث لا كهرباء ولا شبكة اتصالات او انترنت ولا حتى مياه صالحة للشرب،كنا نحلم بأصوات أمهاتنا ونشتاق لتقبيل ايادي آبائنا، ونبحث في ذاكراتنا عن طعم اللحم الأحمر والفاكهة.
وتارة كنا نتكدس وزملائنا في المناطق المجاورة حول هاتف ثابت بالدكان الوحيد في القرية،هههههههه لا أدري لما كانت صديقتي كلما أرادت محادثة أسرتها كان الخط ينقطع؟.

تخرجنا في سن العشرين ولم نغادر مسقط عملنا ليومنا هذا، نسينا أنفسنا ونسونا، شابت رؤوسنا وكل شعرة من رؤوسنا احتجت وانتفضت في صمت وسعادة وقناعة، ألأننا ضعفاء؟ أو لأننا لم نتعلم فن الاحتجاج والخروج للشارع؟ أم أن أشباهنا في الحاضر بظروف أفضل وامتيازات أكثر وزمان أجمل من الماضي رغم تناثر الأشواك هنا وهناك ليسوا من هذا الكوكب وتعودوا الحياة الزهرية حيث يستيقظون واللقمة في أفواههم؟أم يكذبون على أنفسهم بقولهم أنهم يودون تحقيق حلمهم؟
مخطئون بنظري بل وغرتهم الأماني..فمن كان يود تحقيق حلم لا يعمل سوى على تحقيقه بشتى الطرق وليس بالتراجع وإخلاء الطريق لمن لا يستحقون ربما أن يكونوا في أول الصفوف..

محقون حين حصّلوا أعلى الشواهد الدراسية، لكن لم يلجو تخصصات أخرى غير التعليم، ربما لأن التعليم هو المنفذ الوحيد ذو امتيازات عدة.

لنكن صريحين مع أنفسنا ونقل أنه ولا حال يعجبنا مهما كانت الحلول..
ربما تحقق الحكومة مطلب الأساتذة المتدربين وتلغي المرسومين، لكن بالمقابل ومستقبلا استعدوا للكفاح الحقيقي ومعنى تحقيق الحلم في ظل " فعلنا ما أردتم، فافعلوا ما تؤمرون"