لا يمكن للمرء و هو يتأمل في مٱل ألاف أشجارالنخيل تحترق أمام أعيننا إلا أن يصاب بالشلل النفسي حزنا على هول المصير . و درعة تافيلالت التي تتشكل جغرافيا من أنظمة واحية قديمة بما يجعلها ثراتا إنسانيا لاماديا يستحق العناية لما يوفره من أسس صلبة للإقتصاد الإجتماعي التضامني ، تستحق مقاربات استباقية لا تظل أسيرة ردود الفعل حيال هول المصائب . و أمام اكتساح الإستثمارات الفلاحية الضخمة التي حضيت ببرامج واعدة من قبيل الجيل الأخضر وقبله المغرب الأخضر على أشلاء واحات ترزح تحت تعسف الجغرافيا و بؤس التاريخ تمنينا صادقين لو استفادت واقعيا ببرامج كبرى مماثلة ، علاوة على ضعف الرؤيا الإستراتيجية لدى جل المتدخلين في صناعة القرار العمومي الذي يتجه نحو منحى واحد و وحيد على شظايا حقوق الجهة في أمنها المائي . و هكذا تأتي المصائب تباعا !! شح المياه الإستراتيجية بشكل غير مسبوق مما يهدد مستقبل الأنظمة الواحية و يدفع الساكنة و عموم المستضعغين الى النزوح الجماعي مستقبلا هروبا من جحيم الجفاف . درعة تافيلالت هنا تترنج بين فاجعة درمشان ، و استنزاف المياه الباطنية ، و حرائق الغابات ، و موت الأطفال تحت عنوان نعيمة ، ناهيك عن سموم الأفاعي التي تتربص الفرص للنيل من المعدبين في الأرض من أبناء قفار الجنوب الشرقي ..
لقد هرمنا و نحن نصرخ حقوقيا أن جهة درعة تافيلالت تستحق " مشروع مارشال " استثنائي لتعويض مخاطر التهميش الذي يطال البشر و الحجر ، بدل هدر كل فرص النماء أمام مليون و نصف من الساكنة التي تتخبط في جحيم المناخ و شظف الجغرافيا . فماذا عسانا نقول و ها نحن مرة أخرى نشهد حريقا يخرب جدوة واحة قاومت انحراف التاريخ لصالح حفنة من المحظوظين !! لعمري لقد هرمنا من أجل أن نستفيد ، على غرار باقي مدننا المحظوظة ، من متر واحد من الطريق السيار !! أو من متر واحد من سكة الحديد !! دون أن نتمكن من مغادرة أحلام اليقظة نحو معانقة كل هذا البؤس الذي يحاصرنا . ماذا وقع حتى صار ساستنا ممثلين و كومبارس في لعبة هدر الزمن التنموي لجحافل الفاقدين للحد الأدنى من شروط الكرامة الأدمية !! ترى هل نحن قتلة الأنبياء حتى تتبعنا اللعنات من كل الجهات و لا حياة لمن تنادي ؟
جهة " أسامر " كما يسميها البعض مجرد نزيف لا يتوقف من حلم يستعصي على ضمان المسالك نحو مداشر الحكرة ، و من ٱهات حوامل إملشيل اللائي ينتظرنا حلول عزرائيل و هن يقطعن منعرجات القفار لبلوغ أقرب مستشفى لا يضمن حتى أدنى شروط التطبيب !
ترى ما العمل بعدما شاخت أحلامنا تحت ضربات الغبن الذي يسكننا من جراء هول الإنتماء إلى جهة الفواجع !!
و حسبي ختاما أن أدق ناقوس الخطر قد يوقظ مواجع الأموات ما دام الأحياء لا يسمعون إلا صوت المصلحة في زمن أصبحت فيه السياسة مهنة من لا مهنة له ! و على أهلها جانت براقيش ؛ و براقيش هذه هم ساستنا من أهل الحل و العقد الذين يستنزفون أعمارنا بالتقسيط و لا كلل .
و بصوت مبحوح غبنا و ألما أجدد تضامني مع ٱهالينا بأوفوس الجريح ؛ همسة عار في أذن كل المتخاذلين . و حتما ستظل جهة درعة تافيلالت شامخة بألامها التي لا تنتهي .