انطلاقا من قوله عز و جل لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، ارتأيت في موضوعي هذا البدء بنا نحن كمواطنين، على أساس أن أكتب لاحقا عن مسؤولية المرشحين للإنتخابات.
 
تبتدئ معرفتنا لعالم الانتخابات بشعار التصويت حق كل مواطن، و بكون المواطن من له كامل الصلاحيات في اختيار ممثله، لأجل ذلك قمت بدراسة ميدانية تحليلة للجو الذي تمر فيه الانتخابات بقرانا النائية، و الطريقة التي نختار بها ممثلينا، فبمجرد اقتراب الانتخابات يتدارس كبار القبيلة هاته المسألة، محاولين اختيار مرشحين يمثلونهم ، هذا الاختيار لا يكون أبدا مبنيا على المستوى الدراسي، أو الخبرة، أو الوازع الديني، و أمانة الشخص، و كذا دون استحضار مصلحة القرية ككل، فالاختيار ينبني أولا على أواصر القرابة، بحيث تختار كل دائرة ممثلا ينتمي لهم لقضاء مصالحهم الشخصية ، و ثانيا اعتمادا على شهرة هذا الشخص و عدد أصواته الإجمالية داخل أسرته، وثالثا و العياذ بالله اعتمادا على سعة جيبه لشراء بقية الأصوات ، هاته الشروط الثلاثة كفيلة بترشيح أي فرد ليكون ممثلنا في الانتخابات.
 
بعد اختيار كل دائرة مرشحها اعتمادا على الشروط التي نصتها لا إنسانية البعض ، تبدأ المنافسة التي لطالما اعتبرتها غير شريفة ، فالبعض يصوت لصالح مرشحه لأنه من عائلته ، و البعض يصوتون لأنهم من اختاروه لمصالح شخصية، و بقية الأصوات تُشترى –إلا من رحم ربنا- و لا أحد منا صوت بغية قريته، أرضه، الكنز الذي نتوارثه جيلا عن جيل.ناهيك عن ولائم لا تعد و لا تحصى ، أموال طائلة تُسرف دون رقيب و لا عتيد ، ألم نتساءل يوما عن سبب كل هذا؟ من أين لهذا الشخص كل هاته الأموال ؟ كيف تسمح له نفسه أن يُنفق علينا ماله و مال أبنائه الذي تعب عليه سنوات عجاف؟ كلها أسئلة تندرج تحت إجابة واحدة: و هي أن هذا المرشح واثق بأنه سيُعيد أمواله أضعافا و أضعافا إذا نجح ، و ذلك بحلبنا-معذرة لم أجد مصطلحا معبرا غيره- عندما كنا نضحك و نأكل و نُباع لم نفكر آنذاك ، و الآن بعدما يحلبوننا و ينهبون ثروات قرانا ،و يهمشوننا ، نصرخ ونندد ...يالها من مفارقة غريبة.... يجب أن نعي مليا أننا نحن من نمتلك زمام التغيير ، و بأصواتنا نرشح من يخدم قرانا، أو من يمتص دماء عروقنا، لذلك وجب الانطلاق من توعية أنفسنا و ساكنة قرانا بالشروط الصائبة لانتخابات نزيهة .
 
 
صحيح أن الشرفاء يتيهون وسط عديمي الضمائر، نظرا لغلبة هذا الصنف الأخير، و ضحية أناس باعوا أصواتهم ،لكن هذا يحصل لأن الشرفاء يلتزمون الصمت و يكتفون بالنظر خلسة دون تحريك ساكن، في حين أنه لنضمن نزاهة انتخاباتنا القروية أمر بسيط إذاما تكثلت جهودنا بدءا من أنفسنا و أسرتنا الصغيرة ، و هذا ليس حلما و لا خرافة، فمادمنا نتحكم في عدد ساكنتنا، و نعرف بعضنا البعض، فمن السهل زرع بذور الشفافية و النزاهة و بتر الأيادي الآثمة ، نريد انتخابات نرشح فيها أناسا يستحقون بعيدا عن أواصر القرابة ،و دون ولائم نثقل بها كاهل أحد، لكي لا يضطر لسرقتنا بعدها من أجل استرجاع ما أكلناه، وهذا ما يجعل كل نزيه يتراجع للخلف تاركا عديمي الضمائر يعيثون في قرانا فسادا.