بدل أن تجلس وزارة التربية الوطنية إلى طاولة الحوار و تستدعي جميع المعنيين بالأمر لوضع تسوية نهائية لملف الأساتذة المقصيين من الترقية بالشواهد,بعد مرور أكثر من أربعين يوما من الإضراب,عوض ذلك تفضل الوزارة الوصية نهج سياسة التعنت و الهروب إلى الأمام عن طريق التأجيلات المتكررة للحوار مع النقابات,مما يعتبر استخفافا و تحقيرا للعمل النقابي ثم الإقدام على إصدار بلاغ بخصوص ''مباراة الترقية'' التي حدد لها يوم 27 يناير,وهو البلاغ الذي نسجل بخصوصه مجموعة من الملاحظات سواء من حيث الشكل أو من حيث المضمون.


*من حيث الشكل
أولا:يسجل المتتبع لبلاغات الوزارة في الآونة الأخيرة أنها تصدر في غياب توقيع الوزير وطابع الوزارة عكس ما هو جاري به العمل في كل الوزارات و المؤسسات العمومية و الشبه عمومية,و جمعيات المجتمع المدني,التي تتوفر على أختام خاصة تؤشر بها على كل ما يصدر عنها من بلاغات و بيانات و مذكرات حتى تعطيه المصداقية وحتى يكون ملزما لها قانونيا.
وهنا نتساءل عن السبب في غياب توقيع الوزير و خاتم الوزارة,هل هو راجع لكون الوزير ليس له وقت لإمضاء البلاغات و التأشير عليها,أم إن غياب التوقيع و الخاتم سببه الرغبة في تسهيل عملية التملص و التهرب من المسؤولية و  من تحمل تبعات ما قد ينجم في حالة وقوع طاريء من الطواريء,بدعوى غياب التوقيع و الخاتم و ادعاء إمكانية أن يكون البيان قرصنا؟
ثانيا:لجوء الوزارة إلى مواقع إليكترونية أخرى لنشر بلاغها رغم توفرها على موقع خاص بها و على قنوات أخرى للتواصل مع المعنيين بالأمر,مما يجعلنا نتساءل عن فائدة موقع الوزارة الذي تصرف عليه الأموال الطائلة؟و ما الهدف الحقيقي من وراء مراسلة بعض المواقع الإلكترونية التي لا علاقة لها بالشأن التعليمي مادام المعنيون بالأمر يلجون الموقع الرسمي للوزارة؟.


*من حيث المضمون

أولا: يلاحظ أن الوزارة لم تورد في بلاغها أماكن إجراء الاختبارات و لا مواقيتها و لا تاريخ نهايتها,كما هو معتاد في مثل هذه الأمور,وحتى لو افترضنا بأن الوزارة لم تقرر بعد أين ستتم الاختبارات و متى و في حدود ماذا؟
فقد كان بمقدورها أن تذيل البلاغ بالعبارة المعروفة التالية''...و ستحدد مراكز الاختبارات و مواقيتها في وقت لاحق'' وهو الأمر الذي لم يحصل,مما يطرح أكثر من علامة استفهام,كما لم يرد بالبلاغ عدد المتبارين الذين سينجحون في هذه المباراة مثل ما هو جار في كل المباريات,إلا إذا كان كل المرشحين سينجحون فذاك أمر آخر,ولكن إذا كان الجميع سينجح فما الفائدة من هذه المباراة أصلا؟.


ثانيا: وردت في البيان إحصائيات لا يمكن أن نقول عنها إلا أنها متناقضة بل و مضحكة,فقد سبق لمحمد الزرهوني المدير المساعد بمديرية الموارد البشرية أن صرح في برنامج ''أش واقع'' لإذاعة أصوات)الذي نتوفر على تسجيله الكامل),بأن العدد الإجمالي للأساتذة الحاصلين على الشهادات هو 2800 أستاذا,في المقابل ورد في البلاغ أن عدد المتقدمين بطلبات اجتياز المباراة وصل إلى2783 أستاذا,و بعملية بسيطة يتضح أن عدد الأساتذة الذين لم يتقدموا بطلب اجتياز المباراة و الرافضين لها هو 17 أستاذا فقط,فهل  هناك من عقل سيصدق هذه الإحصائيات؟ !.


في حين أن الواقع يكذب ذلك تماما,باعتبار أن الآلاف مازالوا يحتجون بشوارع الرباط و آلاف آخرين مضربين,و حسبنا هنا أن عدد أعضاء لجنة الشعارات فقط(يتجاوز 17 أستاذا),وأعضاء اللجنة التنظيمية يفوقون 300 أستاذا؟ ! أليست فعلا إحصائيات مضحكة؟ .


ختاما نقول بأن سياسة الهروب إلى الإمام بإصدار هكذا بيانات,والتأجيلات المتكررة للحوار لن تأتي بنتيجة و أن الحل الوحيد و الأوحد هو الإسراع بحل الملف و طيه نهائيا و إلا فإن النتائج ستكون كارثية على الجميع,على الوزارة أولا و على التلاميذ و على الأساتذة,والمهم و الأهم على استقرار الوطن,فقد بلغ السيل الزبى و كل الاحتمالات واردة !